واللافت ان عودة ليبرمان الى صدارة المشهد السياسي في المنطقة، في الوقت الذي طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رؤيته للمساعدة في العودة الى المفاوضات المباشرة؛ وقبل ايام قليلة من اجتماع باريس المقرر له في ٣يونيو/حزيران بمشاركة ٢٦دولة في إطار مبادرة فرنسية للبحث عن آلية جديدة للتسوية النهائية.
الصراع داخل اسرائيل يدفع نتنياهو إلى ضرورة تعزيز ائتلافه الحكومي من دون ان يهتم بردود الفعل العربية والدولية على اختيار زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المعروف بمواقفه تجاه عملية السلام والسلطة الفلسطينية الشريك الرئيسي في مفاوضات التسوية؛ ومن هنا جاء التصديق على منح ليبرمان حقيبة الجيش؛ ليصبح الرجل الثاني في الحكومة التي تحظى بتأييد ٦٦ عضوا من أعضاء الكنيست البالغ عددهم ١٢٠.
ردود الأفعال المختلفة اعتبرت اختيار ليبرمان بمثابة اعلان جديد لرفض الحكومة اي جهد لتحقيق تقدم في التسوية السياسية مع الفلسطينيين برعاية دولية؛ بينما الواقع يشير الى أن وجود ليبرمان او عدم وجوده في الائتلاف الحكومي لن يغير من رؤية نتنياهو لعملية السلام، وطريقة التعاطي مع المبادرات الدولية والعربية؛ والاستمرار في تنفيذ خطط الاستيطان وتبني السياسيات العنصرية تجاه الفلسطينيين؛ في إطار عمليات التهويد المتواصلة.
قرار تسليم حقيبة الجيش الاسرائيلي الى ليبرمان؛ الذي لا يملك اي تاريخ عسكري يؤهله لهذا المنصب الخطير في اسرائيل، يخلق تحديات كبيرة أمام العلاقات مع الخارج الذي يسعى الى دفع عملية السلام؛ لكنه يمنح نتنياهو الفرصة للسيطرة من جديد على جنرالات الجيش الذين دعاهم الوزير السابق موشي يعلون الى التعبير عن آرائهم بكل صراحة تجاه القضايا السياسية بل ورأيهم في القيادة بمن فيهم نتنياهو الذي استشعر الخطر على نفوذه وقيادته.
تشير التوقعات الى أن انضمام ليبرمان للحكومة الإسرائيلية، سيدفع الى زيادة وتيرة الاستيطان؛ وتشديد القبضة الأمنية في الضفة الغربية؛ ومع ذلك فحقيبة الجيش وظروف اختيار ليبرمان يمكن ان تجبره على تغيير نهجه في إطار من السياسة العامة لحكومة نتنياهو الذي لا يريد ان يخرج الجيش من نطاق سيطرته.
اختيار ليبرمان وزيرا للدفاع في الحكومة اليمينية، جاء في إطار صفقة سياسية تعزز من موقف نتنياهو في الداخل، مقابل بعض الصلاحيات لزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" و في ضوء ما يشهده المحيط الاستراتيجي للدولة العبرية وتصاعد المواجهات العسكرية.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)