وتعتبر بطولة "يورو 2016" ثاني أكبر بطولة في لعبة كرة القدم بعد كأس العالم، لا سيما أنها تشهد مشاركة نخبة من اللاعبين الذين يحظون بجماهيرية جارفة، فضلا عما تمثله البطولة من أهمية على مستوى المنتخبات الوطنية المتنافسة على الفوز بكأس البطولة.
التجمعات الجماهيرية التي تشهدها ملاعب كرة القدم هي من الأهداف المحتملة للإرهاب. وفرنسا التي تعرضت لموجة من العمليات الإرهابية وكان آخرها اعتداءات باريس التي راح ضحيتها ما يزيد عن 130 من الضحايا، تعيش في ظل حالة الطوارئ حتى نهاية يوليو/تموز، أي بعد انتهاء فعليات البطولة وحتى الانتهاء من إصدار قانون جديد يتعلق بمكافحة الاٍرهاب والتطرف.
فرنسا ومعها كل أوروبا تعيش هاجس الخوف من العمليات الإرهابية بعد عودة عدد من العناصر التي كانت تقاتل في صفوف تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، فضلا عن تلك الخلايا النائمة للتنظيمات المختلفة والتي تتطلب يقظة أمنية على مدار اليوم، وأن الخلل أو التهاون يهدد حياة سبعة ملايين من الجماهير المتوقع حضورها لفعاليات البطولة.
تدرك أوروبا حجم الخطر والتحديات التي تواجه تأمين البعثات المشاركة في "يورو 2016"، حيث أعلنت الوكالة الأوروبية لتطبيق القانون "يوروبول" عن التعاون خلال استضافة البطولة بهدف التصدي للتهديدات الإرهابية المحتملة. وقامت الوكالة بنشر جميع وحداتها المركزية العاملة بمركز تعاون الشرطة الدولية، للمساعدة في رصد أي تهديدات إرهابية محتملة، فضلا عن تواجد 200 شرطي من البلدان المشاركة في البطولة، لتأمين البطولة. وبحسب مدير الوكالة، روب وينرايت، فهناك احتمالات لوقوع هجوم إرهابي خلال البطولة، رغم اتخاذ السلطات الفرنسية لإجراءات أمنية مشددة لتأمين الحدث الرياضي.
وتستهدف الوكالة الأوروبية لتطبيق القانون "يوروبول" والتي تم تأسيسها عام 1999، إلى حفظ الأمن في أوروبا عن طريق تقديم الدعم للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وتمتلك أكثر من 700 موظف و 137 ضابطا من فروع أمنية مختلفة ينتمون إلى دول الاتحاد ودول أخرى. وتتخذ من مدينة لاهاي مقراً رئيسياً، وتعمل بالتعاون مع أجهزة الأمن في دول الاتحاد وأخرى من خارج الاتحاد، وتعمل على تقديم الدعم لضباط الأمن بالقيام بمهام جمع المعلومات وتحليلها وتوزيعها إضافة لتنسيق المهام المشتركة.
يتفق المراقبون على أن انتشار الإرهاب يعود إلى سياسات الولايات المتحدة، في التعاطي مع قضايا المجتمع الدولي، ومحاولات نشر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط، والسعي إلى تقسيمها على أساس عرقي وطائفي؛ وما ظهور الجماعات الإرهابية تنظيم "داعش" ومن قبله تنظيم "القاعدة" سوى جزء من مخطط الذي تم إعداده بدقة من جانب صناع القرار الأمريكي بهدف نشر الفوضى والاقتتال.
وعلى غرار التهديد الذي كان يمثله العائدون من أفغانستان لدولهم، فإن العائدون من سوريا والعراق الذين قاتلوا في صفوف تنظيم "داعش" يمثل خطورة بالغة على أمن أوروبا، وظهر هذا في هجمات باريس وبروكسل، والتهديدات المتواصلة لاستهداف "يورو 2016"، في ضوء التقارير التي تشير إلى أن فرنسا تحضن العديد من العناصر العائدة المستعدة للقيام بأي عمل إرهابي ضد المصالح الأوروبية وتواصل تهديدها أمن واستقرار المجتمع الدولي.
أوروبا تحصد ثمار سياسة لم تشارك في صياغتها، واستراتيجية لم تجلب لها سوى القلق والخوف والرعب وربما الفزع، وفرنسا التي تظل قاطرة السياسة الأوروبية تعاني من تبعات انخراطها في السياسة الأمريكية، ويدفع الفرنسيون ثمنا باهظا جراء تلك السياسات التي لم تجلب لأبنائهم سوى التطرف والعنف وجعل البلاد تعيش على فوهة بركان يثور من وقت لآخر مهددا الجميع بوابل من الحمم التي لن تستثني أحدا.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)