صدّعت إدارة باراك أوباما رؤوس المهتمين بالعلاقات الأميركية- الإسرائيلية، خلال الأعوام الأربعة الماضية، بالحديث عن وجود خلافات عميقة بين واشنطن وتل أبيب، وبرود العلاقة على المستوى الشخصي بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أن أوباما وأركان إدارته كانوا يثبتون عملياً خلاف ما سبق، عندما يوضعون على محك قضية عملية. بل أكثر من ذلك، بعيداً عن المشادات الإعلامية اللفظية في بعض الأحيان بين واشنطن وتل أبيب، تبيّن الحسابات أن ما حصلت عليه حكومة نتنياهو في عهد إدارة أوباما، من مساعدات عسكرية واقتصادية، أكبر مما حصلت عليه أي حكومة إسرائيلية سابقة، ناهيك عن ثبات إدارة أوباما في تقديم الدعم الأميركي التقليدي لإسرائيل، على الصعيد السياسي والالتزامات الأمنية.
يبلغ العدد الإجمالي الذي اشترته إسرائيل من طائرات (الشبح) 33 طائرة، وتعمل كمرحلة أولى على أن يصل العدد إلى 50 طائرة، وفي المرحلة الثانية إلى 75 طائرة بعد عشر سنوات، على أن يتم إخراج الطائرات الحربية القديمة وإحلال الطائرات الحديثة محلها، في عملية إعادة بناء شاملة لمنظومة القوة الجوية الإسرائيلية.
وتعد إسرائيل الحليف الأول من بين حلفاء الولايات المتحدة الذي يحصل على طائرات "إف 35" بالغة التطور، ولم تكتف إدارة أوباما بهذا المستوى من الدعم، فقد سمحت لشركة "لوكهيد مارتين"، المصنعة للطائرة، بأن تتفق مع تل أبيب على أن تجري كل أعمال صيانة الطائرات داخل إسرائيل، علماً بأن الشركة المذكورة تشترط دائماً أن تجري أعمال الصيانة في مراكزها الخاصة، في الولايات المتحدة أو أوروبا، بسبب الأجهزة المركبة في الطائرات، ويمنح اتفاق الصيانة إسرائيل إمكانية إدخال تطويرات على الطائرة، لاسيما منظومات حرب إلكترونية، وبالطبع الاستفادة من الخبرات التقنية العالية التي تتمتع بها طائرة "إف 35"، وتوظيف تلك الخبرات في تطوير الصناعات الحربية الإسرائيلية.
المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، كتب تحليلاً مطولاً في الصحيفة حول تأثير ذلك على الميزان العسكري في المنطقة، جاء فيه:
"علاوة عن كونها طائرة ذات قدرة عالية على التملص، تملك طائرة "أف 35" ميزة مهمة في جمع المعلومات، إذ إن كمية ونوعية المعلومات، التي تستطيع هذه الطائرة الحصول عليها بفضل أجهزة الرادار الحساسة، ستحسن من قدراتها الهجومية، وستخلق تحولاً تكنولوجيا ليس موجوداً في منظومات أخرى". ويضرب فيشمان مثالاً على هذا قائلا: "تستطيع الطائرة الاقتراب من طائرة معادية ومن هدف أرضي والظهور والعمل في مرحلة لا يكون لدى الخصم خلالها قدرة على القيام برد فعال. وبفضل أجهزة الرادار المتطورة تستطيع الطائرة رؤية الخصم قبل وقت طويل من أي رادار جوي آخر..".
بالإضافة إلى ما قاله فيشمان، من المؤكد أن حصول إسرائيل على أحدث ما في الترسانة الأميركية من أسلحة متطورة وفتاكة من شأنه أن يخل بميزان القوى العسكري في المنطقة، لسنوات طويلة قادمة، وسيؤدي إلى أن تزيد إسرائيل من التعنت في مواقفها الرافضة لتسوية سياسية شاملة ومتوازنة للصراع العربي والفلسطيني- الإسرائيلي، على أساس القرارات الدولية ذات الصلة، كما سيشجعها على مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى القيام بمغامرات عسكرية جديدة، ستكون إدارة أوباما مسؤولة تاريخياً عنها بموافقتها عام 2014 على تزويد إسرائيل بطائرات "إف 35".
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)