وتنشر "سبوتنيك" تسجيلاً مصوراً للحظة العثور على الجثة في وقت متأخر من ليل الأحد، بعد نحو 24 ساعة على وقوع التفجير، وجدها المدنيون عند انتشارهم بين المحال التجارية المدمرة لإيقاد الشموع فيها إضاءةً لأول ليلة لهم خارج الحياة بعد أن أزهقت أرواحهم حرقا وتقطيعاً من التفجير الذي تنباه تنظيم "داعش" الإرهابي.
وروت طيبة رزاق، فتاة شاهد عيان من سكان منطقة الكرادة، لـ"سبوتنيك" تفاصيل مروعة من موقع التفجير، مشيرةً إلى وقوعه في تمام الساعة 12 و25 دقيقة أمس الأحد، متداركةً، لكن سيارات الإطفاء وصلت حتى تفحم الجثث فجرا.
وتقول طيبة، لو جاء الإطفاء لحظات التفجير، لما وقعت هكذا خسائر بشرية داخل العمارات السكنية والتجارية ومنها "هادي سنتر" ومجمع الليث الخاصين بمحلات الألبسة الرجالية الأكثر إقبالاً من الشباب من مختلف أنحاء بغداد.
وأكدت طيبة أن عائلات بكاملها احترقت في داخل العمارات السكنية على سائدي شارع العطار في الكرادة وسط بغداد، ولم يعثر ذوو الضحايا على جثث أبنائهم وأطفالهم والنساء بين ركام التفجير الأعنف في تاريخ الدم الذي يضرب المنطقة بين الحين والآخر.
هناك من عثر على أجزاء من جثث الضحايا، أي شيء من الجسد المتفحم، لأجل قبر يخلد ذكراهم، وبينهم من لم يعثر ذويه عليه أبداً واتجهوا للبحث عن مستمسكات ثبوتية بين الشضايا والحطام المتناثر على الأرض وبين الشوارع، مفترشين الأرصفة بهستيرية بالغة على فلذات أكبادهم الذين رحلوا قبل أن عيد الفطر المصادف هذا الأسبوع.
وفقدت طيبة، أحد أصدقائها، زميلا لها في الجامعة، وأطفال أحد معارف عائلتها، وأصدقاء شقيقها، كلهم احترقوا بنار التفجير الذي لم تكشف الأجهزة الأمنية عن ملابساته وتفاصيله.
وجاءت إحدى الأمهات تبحث عن سبعة أفراد من عائلتها، وقالت لي "هل رأيت أحد منهم"، حسبما ذكرت طيبة التي تمر بحالة انهيار من هول المشهد ورائحة البشر المحترق، وصورة الدمار التي التقطتها بهاتفها المحمول صباح نقل الضحايا.
رثت طيبة مع زملائها في كلية القانون، زميلهم مصطفى الذي افتتح مشروعا صغيرا لبيع العصائر في منطقة الكرادة، رغم شهادته المرموقة والتي لم تمكنه من الحصول على وظيفة بسبب التقشف والفساد المتفشي في البلاد.
ومن بين الضحايا، رصدت مراسلة "سبوتنيك" طفلين راحا ضحية التفجير، بعمر 15 سنة و7 سنوات، الأكبر خرج برفقة شقيقه الأصغر لشراء ملابس العيد بعد نجاحهما بتفوق من الدراسة المنتهية المتوسطة، سجلاً من بين المفقودين، لم تعثر عليهما أمهم التي تتنقل شبه فاقدة لعقلها على طفليها، باحثة عنهما بين الجثث المتفحمة المجهولة الملامح في ثلاجات الموتى بمستشفيات مدينة الصدر، ومدينة الطب، والكندي والشيخ زايد وابن النفيس في العاصمة بغداد.
وأعلن نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، محمد الربيعي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، الأحد، مقتل 176 شخصاً، وإصابة أكثر من 180 آخرين، حصيلة التفجير الإرهابي الذي استهدف منطقة الكرادة وسط العاصمة، في وقت السحور.