اعتراف وزارة الدفاع الفرنسية، بمقتل ثلاث جنود لها في ليبيا، يأتي بمثابة التأكيد على التواجد العسكري الفرنسي في ليبيا، هذا التواجد الذي يمتد إلى دول أخرى عربية وأفريقية، كذلك كشفت وزارة الخارجية السورية عن ارتكاب المقاتلات الفرنسية العاملة ضمن "التحالف الدولي" مجزرة دموية بالقرب من الحدود السورية التركية مستهدفة بالقصف الجوي قرية توخار الكبرى شمال مدينة منبج.
تساؤلات حول الانتشار العسكري الفرنسي المثير للجدل في الشرق الأوسط بحجة محاربة الإرهاب، في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي المعاصر التي تفرض احترام سيادة الدول والحفاظ على وحدة أراضيها.
تعزيزات عسكرية فرنسية
تتمركز القوات الفرنسية في سوريا والعراق والكويت والأردن وليبيا والإمارات، إلى جانب ما تقوم به فرنسا بتوفير إمدادات السلاح لعدد من الدول بالمنطقة، فضلا عن برامج التدريب والإعداد.
وإذا كان الانتشار العسكرية الفرنسي في المنطقة، يأتي في إطار تكثيف الهجوم على الإرهاب، يطرح السؤال نفسه حول شرعية هذا التواجد خاصة في سوريا وليبيا، وهل تملك باريس الحق في تنفيذ عمليات على أرض دول أخرى ذات سيادة من دون قرار من مجلس الأمن؟.
الغرب يستبيح سيادة دول المنطقة
يرى المدير السابق لأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء الدكتور زكريا حسين، في حديث لـ"سبوتنيك" أن الانتشار العسكري الفرنسي في المنطقة العربية يعود إلى المصالح، ومحاولة فرنسا الدفاع مصالحها، مشيراً إلى أن فرنسا وإيطاليا هما الأقرب إلى ليبيا بامتداد الساحل، وأن ما يجري حالياً هو إثبات لوجود معين لمخططات محددة كلها تدخل تحت بند تفتيت المنطقة العربية، لتحقيق مصالح خاصة مخطط لها منذ سنوات.
لفت إلى أن الدول الغربية التي تمتلك حق "الفيتو" في مجلس الأمن، ومن بينها فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي، تفعل ما تشاء دون أي اعتبار للسيادة، وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة دون "حياء" في سوريا والعراق وليبيا وكل المنطقة العربية، معتبراً أن ما يجري في المنطقة العربية هو نتيجة سطوة القرار الغربي على المنطقة بهدف تقسيمها.
وأوضح أن فرنسا تتحرك عسكريا وفق استراتيجيتها غير المرتبطة بحلف شمال الأطلسي "ناتو"، مشيرا إلى أنها الدولة الوحيدة التي لها قراراها العسكري الخاص.
وأضاف "المنطقة العربية أصبحت مستباحة ويتم تدميرها أمام العالم كله، في العراق وسوريا وليبيا والصومال، وتستمر المحاولات ضد مصر، للأسف هذا قدرنا في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا. الصراع هو صراع وجود معروف بدأ منذ التسعينيات عندما قررت الولايات المتحدة غزو العراق".
السيطرة على الهلال النفطي
ولفت إلى أن فرنسا جزء من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وهي تشترك شأنها شأن الأطراف الأخرى العربية والأوروبية، وأن الدول الأعضاء في التحالف تتعاون في تنسيق العمليات وتبادل المعلومات الاستخبارية، لمطاردة فلول الإرهاب سواء في سوريا أو العراق والحد من انتشاره في ليبيا.
وانتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أداء الأمم المتحدة في التعاطي مع الأزمة الليبية، متسائلا، لماذا لم تدعم الحكومة الوطنية ولماذا لم تقدم لها الدعم المادي والمعنوي، وفرضت عليها حظر للسلاح؟ وماذا قدمت للحفاظ على الشرعية الليبية؟ وماذا فعلت في مكافحة الإرهاب في ليبيا؟ مشيراً إلى أن حدود ليبيا مفتوحة مع أكثر من دولة أفريقية.
وأضاف أن التقارير الدولية تشير إلى أن "داعش" يعيد الانتشار أو التمركز أو تجميع صفوفه، وهناك محاولات للسيطرة على الهلال النفطي، موضحاً أن فرنسا لها مصالح في إطار مصالح الاتحاد الأوروبي في مصادر الطاقة العالمية التي تهم جميع دول العالم.
الخلاصة:
تتطلب مكافحة الإرهاب من المجتمع الدولي ضرورة التحرك لمواجهة هذا التهديد في إطار قرارات الأمم المتحدة، خاصة القرار رقم 2253 الذي يدعو إلى منع تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية والتصدي للدول والكيانات التي تسعى إلى تغيير أنظمة الحكم بالقوة، ودعم هذه الجماعات في نشر التطرف العنيف، وإلا فإن خطر الإرهاب لن يستثني أحدا، وسوف يرتد إلى صدور من قدموا له الدعم.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)