ويتضمن الاتفاق تنسيق جهود مكافحة الإرهاب ووصول المساعدات الإنسانية إلى السكان وخاصة في حلب، وتعزيز نظام وقف العمليات القتالية وتهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية.
أجواء من الثقة
تتطلب الجهود المبذولة للتسوية السياسية في سوريا، أجواء الثقة بين كافة الأطراف، وإرادة حقيقية لمحاربة الجماعات الإرهابية وتنسيق العمليات العسكرية بعد تحديد أماكن تمركز تلك العناصر المتطرفة، وثم توحيد المعارضة السورية المنقسمة على نفسها وأن يكون لديها برنامج وطني سوري وأن تكون مستعدة للدخول في حوار على أرضية وطنية حفاظا على وحدة الأراضي السورية، والتلفظ بأن العناصر الإرهابية والمليشيات المسلحة المدعومة قوى لا تريد الخير للسوريين.
كل هذا يتطلب أجواء من الثقة ربما لا تتوفر لدى الكثير من أطراف الأزمة خاصة الولايات المتحدة وجماعات المعارضة التي تصفها بـ "المعتدلة".
وصمود الهدنة المتفق عليها مؤخراً بين لافروف وكيري، من شأنه خلق أجواء من الثقة وبالتالي فتح المجال أمام تنسيق عسكري من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية بهدف تنسيق الضربات التي تستهدف الجماعات الإرهابية.
طرف ثالث
رغم التفاؤل الذي امتزج بالإعلان الروسي الأمريكي حول وقف العدائيات في سوريا، إلا أن هناك من يتربص بأي وميض أمل يمكن أن يضيء الطريق إلى عودة السلام في سوريا.
وبينما لا يزال موقف البنتاغون غير واضح فيما يتعلق بالتنسيق العسكري مع موسكو لمحاربة الإرهاب في سوريا، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" جون برينان، "إن هناك احتمالات تشير إلى تقسيم سوريا والعراق، ولن تكون هناك حكومة مركزية في كلا البلدين تدير الأمور بشكل عادل".
وأضاف برينان خلال الحوار مع مركز "سي تي سي سنتينيال" الأمريكي للدراسات السياسية أن "سوريا والعراق شهدا إراقة الكثير من الدماء، فضلًا عن الكم الهائل من الدمار، والانقسام الطائفي، لذا فهناك احتمالات للتقسيم في البلدين". وتابع: "من الممكن أن تكون هناك حكومة مركزية ومناطق حكم ذاتي تنضوي جميعها تحت جسم اتحادي، وبطبيعة الحال، فإن تحقيق ذلك منوط بالتطورات التي ستشهدها المنطقة خلال السنوات المقبلة".
وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد أكد خلال مشاركته في وقت سابق من هذا العام في مؤتمر حول قضايا الأمن القومي الأمريكي، على استمرار نشاط تنظيم "داعش" خلال فترة طويلة في المنطقة، واستمرار خطر عودة المقاتلين الأجانب إلى بلادهم. واعتبر الأزمة السورية من أعقد الأزمات التي واجهته خلال رئاسته الوكالة، موضحا أن هزيمة "داعش" عسكريا لن تقضي على المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والطائفية في المنطقة.
أضف إلى ذلك أن قوى الظلام التي لا تزال تتخذ من الجحور بيوتا لها وتتلقى الدعم المالي والسلاح من قوى إقليمية ودولية معروفة لن ترضى سوى باستمرار الوضع الراهن وما يحمله من فوضى وانتشار للعنف والإرهاب، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على المنطقة والمجتمع الدولي.
الخلاصة
انقسام الإدارة الأمريكية التي تستعد للرحيل عن البيت الأبيض حول الأزمة السورية، وسبل التعاطي مع الوضع الراهن، فضلا عن مواقف المعارضة المنقسمة، إلى جانب انعدام الثقة في نوايا وأغراض الغرب، ما يدفع المشهد إلى مزيد من الترقب حول التزام واشنطن وحلفائها بوقف العدائيات تمهيدا للمفاوضات السياسية التي يجب ان تؤدي إلى حوار سوري ـ سوري بعيدا عن التدخلات الأجنبية.