عقدت الأمم المتحدة، على هامش الدورة الحادية والسبعين لجمعيتها العامة في نيويورك، مؤتمراً حول اللاجئين بحضور خمسين دولة، بعد يوم واحد من تبني الجمعية العامة بكامل أعضائها الـ193 خطة شاملة لمواجهة أزمة اللاجئين المتفاقمة، بوصول أعدادهم إلى أرقام قياسية منذ الحرب العالمية الثانية تجاوزت 65 مليون نسمة، جراء الحروب والنزاعات والاضطهاد والفقر.
خطة الأمم المتحدة تزامنت مع "اليوم العالمي للسلام"، إلا أنها اقتصرت على شعارات عامة، مثل التشديد على "احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين واللاجئين"، وفتح الأبواب أمامهم، وحصول الأطفال المهاجرين واللاجئين على التعليم، ومكافحة تهريب البشر والإتجار بهم، والتصدي لحملات الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين.. الخ.
الدول المشاركة في قمة الأمم المتحدة حول اللاجئين قدمت وعوداً بزيادة مساهماتها لإغاثة اللاجئين بنحو 5.4 مليار دولار أميركي، لكنها لم تصادق على اقتراح "ميثاق دولي" قدمه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بأن تستضيف الدول 10% من اللاجئين كل عام، واكتفت بتعهدات مطاطة لاستقبال 360 ألف لاجئ، وصفهم الرئيس الأميركي، باراك أوباما في كلمته أمام القمة بـ "الغرباء"، في نعت يعري طريقة تفكير غالبية قادة الغرب في التعاطي مع محن وعذابات اللاجئين.
حتى لو أخذنا جلاً بعين الاعتبار الزاوية التي انطلقت منها انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية، من شأن الخطة التي صادقت عليها الجمعية العامة في دورتها الـ71، وما خرجت به قمة الأمم المتحدة حول اللاجئين، تعميق خيبة أمل اللاجئين، فأكثر من نصفهم تستقبلهم ثماني دول ذات مداخيل وإمكانيات اقتصادية ضعيفة أو متوسطة، لبنان والأردن وتركيا وإيران وكينيا وإثيوبيا وباكستان وأوغندا، وتعاني هذه الدول من تركيبة ديمغرافية معقدة، بينما تستقبل الدول الست الأكثر ثراء في العالم، وهي الولايات المتحدة والصين واليابان وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، 7% فقط من عدد اللاجئين، حسب تقرير لمنظمة "أوكسفام".
مرة أخرى وعلى سبيل التوكيد، إن ما يتطلع إليه اللاجئون هو توحيد الإرادة السياسية للمجتمع الدولي لإخماد نار الحروب والنزاعات المسلحة، والحيلولة دون نشوب حروب ونزاعات جديدة تهدد العديد من الدول الأفريقية والآسيوية، والتصدي للإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية والعنصرية، ومكافحة الفقر والفاقة في مجتمعات الدول النامية، ودون الانطلاق من هذه النقاط لن يفلح المجتمع الدولي في وضع معالجة أزمات المهاجرين واللاجئين ووضع حد لمعاناتهم.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)