وما يزيد من وطأة هذه الأحداث هو تغاضي مايسمى بالمجتمع الدولي عن هذه الأعمال الوحشية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة التي اختطلت ببعضها بشكل مقصود ومخطّط له بدقّة لإطالة الحرب على سورية، زِد على ذلك منظّمات المجتمع الدولي، التي تتبجّح بالدفاع عن حقوق الإنسان، فما يسمّى بمجلس حقوق الإنسان هذا الاختراع الدولي، الذي شُكِّل على أساس فكرة أمريكية ليكون حصان طروادة تلجاً غلى امتطائه كلما عجزت عن تمرير أي قرار يخدم مصلحتها وعلى حساب أبناء شعوب الدول التي تستثمر الإرهاب فيها وخاصة في سورية.
هذا المجلس الأبعد عن الإنسانية وحقوق الإنسان رفض انتخاب روسيا عضوا فيه مقابل قبوله عضوية السعودية التي لا تمتلك أي مقوّم من مقوّمات الدولة، وتحكمها عائلة تموّل الإرهاب منذ عشرات السنين، وتثير القتل والعنف الطائفي في دول تحدّدها لها أمريكا مستغلّة ضغينتها الوهابية الآثمة، هذه الدولة التي لا يوجد فيها لا رئيس، ولا برلمان منتخب، ولا تُنصَف فيها المرأة، وماعزز دورهم هو انتخاب أمريكا كعضو في هذه الهيئة كغطاء دبلوماسي دولي من ناحية، ومن ناحية أخرى ككاتب لكل تقارير هذه الهيئة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.
في ظل هذا الكذب والافتراء على الدين والدنيا والرأي العام العالمي، يبقى هذا العالم البائس يركّز اهتمامه فقط على الأحياء الشرقية وماحولها في حلب، التي تتّخذ منها المجموعات الإرهابية نقاط تمركز وإنطلاق للهجوم على مواقع الجيش السوري والمدنيين في الأحياء الأخرى كما ويتخذون عشرات الآلوف كدروع بشرية يحتمون بها لمنع الجيش السوري وحلفائه من قصف مناطق تواجدهم ومراكز قياداتهم ومستودعات أسلحتهم.
وهنا وفي ظل هذه التطوّرات وبعد التوافق بين القيادتين الروسية والسورية، توقّفت طلعات الطيران الروسي والسوري لمدة 13 يوماً مستمرة الى يومنا هذا كبادرة حسن نية لإخلاء المدنيين أو لإيصال المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى والمصابين، وحتى من أرادوا تسليم أسلحتهم من المسلحين الذين حُدِّدت لهم ثمانية معابر خاصة للخروج منها، ومع كل ذلك حتى اللحظة لم تصدر عن هذه المجموعات أو الدول الراعية لها أي خطوة أو تصريح من شأنه أن يهدّئ الأوضاع ويحقن الدماء في محافظة حلب المنكوبة.
سورية مستعدة لاستئناف الحوار السوري السوري، فمَن في حقيقة الأمر هنا يحمي المدنيين ويريد إنقاذهم من براثن ذئاب الحرية؟ ومن الذي يريد قتلهم بالفعل؟ لا أظن أننا هنا نحتاج إلى شرح وتوضيح.
المعارض عبد العظيم يطلب مجالسة المجموعات الإرهابية في ظل هذه الظروف الضاغطة لتكون القشّة التي قصمت ظهر البعير كما يعتقد هو وصاحب المقترح، الذي تقصد صاحبه أو مقترحه أن يأتي على لسان المعارضة السورية وتحديداً من قلب دمشق.
كل ذلك لم يؤثّر على الروح المعنوية للشعب الحلبي الذي أبى أن يخرج من مدينته رغم القصف الهائل الذي تقوم به المجموعات الإرهابية بكلّ أنواع الأسلحة، ليثبت بذلك أنّ معركة الفصل بالفعل هي في حلب ومرتكز الإنتصار الأول في معركة حلب هو صمود الشعب في حلب ومشاركته في الدفاع عن وطنه مضحيّاً بأغلى ما لديه فيسلّم الروح لله ولا يستسلم للإرهاب
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)