سبوتنيك حاورت الدكتور أحمد العبود، المستشار السياسي لمجلس النواب الليبي للحديث عن الحلول المطروحة للأزمة الليبية، وكيفية الخروج منها، وعن الدور الذي تلعبه دول الجوار.
سبوتنيك: كيف ترى اجتماعات دول الجوار الليبي؟
العبود: دول الجوار في اجتماعها الأول الذي عقد في القاهرة، حتى اجتماعها الحادي عشر الذي سيعقد في الجزائر، انبثق منها منذ اليوم الأول مسارين، سياسي وأمني، والاثنين فشلا في إيجاد مخرج للأزمة الحقيقية التي تعيشها ليبيا على جميع المستويات.
سبوتنيك: هناك مشاورات جزائرية يجريها أحمد أو يحيى رئيس الديوان الرئاسي في بيت راشد الغنوشي بتونس…هل ستفلح؟
العبود: لاحظنا تقارب جزائري مصري في الاجتماع الأخير وما صدر عنه من مبادئ عامة، اعتبرت كحل اتفاق من الطرفين، لكن ليس إذا ما تم نهج اتفاق بوجود الإسلاميين، تعلم جيدا أن المجلس الرئاسي يسيطر عليه 80% إسلاميين، والسراج اليوم حليف لهم وللجماعة الليبية المقاتلة، وصراحة، المؤسسة العسكرية والبرلمان الليبي يرفض أي تقارب مع الإسلاميين، تحت أي مسمى، برغم المسعى الجزائري الذي انتهجه الغنوشي، عبر محور الجزائر طرابلس وتواصله مع الإسلاميين من ناحية، والقيادات الجزائرية من ناحية أخرى.
سبوتنيك: الداخل الليبي هل يقبل وجود الإسلاميين؟
العبود: رغم المساعي الحثيثة المبذولة من دول الجوار، لا أعتقد أن من داخل ليبيا يرتضي "البرلمان الليبي والقيادة العامة للجيش والحاضنة الشعبية"، إشراك الإسلاميين من جديد، وأتسأل: وفق أي إطار سياسي للحل سيقدم بمشاركة الإسلاميين؟ حتى على صعيد المشهد الدولي، حلفاء الإسلاميين انسحبوا، أوباما، كيري وهيلاري كلينتون، تلك المجموعة التي كانت تدعم تمكين الإسلام السياسي في المنطقة، انسحبت، ولا تجد حليفا للإسلاميين سوى محور تونس الجزائر.
سبوتنيك: إذا حدث توافق…هل من الممكن أن يبدأ الحل؟
العبود: نوافق على جميع مساعي الحل، لكن الحاضنة الشعبية لن توافق على إشراك الإسلاميين تحت أي مسمى في عملية تقاسم السلطة، وبصراحة وجودهم في المجلس الرئاسي وتمكنهم من السلطة وتحالفهم مع فايز السراج أصبح محل نقد، وكل تلك الممارسات تعمق من حدة الخلاف والانقسام، ما بين البرلمان والمجلس الرئاسي وما بين القيادة العامة للجيش التي أصبحت لا تثق في السراج".
برغم مسعى القاهرة لجمع حفتر والسراج، لكن في الحقيقة لا ننكر أن السراج أعطى الغطاء السياسي لهجوم الجماعات الإرهابية على الموانىء النفطية، خلال المدة الماضية، ووقف عاجزاً أمام تمدد هذه الجماعات وتحالفها في مناطق مختلفة، وأصبحت تهدد مشروع الأمن القومي في ليبيا، وقام بتدريب الميليشيات واعتبرها بديلا للجيش الليبي، كل هذه الممارسات نقاط سلبية سجلها البرلمان والجيش على السراج، تعمق الخلاف، وأعتقد أن مسعى دول الجوار (الجزائر وتونس) لن يلقى استجابة في الداخل الليبي حتى لو قوبل من البرلمان بالموافقة".
الحاضنة الشعبية سترفض أي اتفاق مع الإسلاميين، والدماء التي سفكت في بنغازي وأجدابيا والهلال النفطي، بسبب تحالف السراج مع هذه التنظيمات الإرهابية التي هاجمت الحقول والهلال النفطي أكثر من مرة، تؤكد بأن السراج أصبح مختطفاً من قبل تيار الإسلام السياسي، على غرار العاصمة طرابلس".
سبوتنيك: القيادي الإسلامي الليبي علي الصلابي قال في حوار مع "الشروق" الجزائرية أنه يقبل تدخل تونس والجزائر، ولكن مصر بشكل أقل؟
العبود: لن نقبل أي شروط تفاوضية جديدة، والصلابي وتيار الإسلام السياسي كله خارج المشهد، قيادات الإسلام السياسي كلها خارج طرابلس وليبيا، وبدأت تتنصل من انتمائها لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، وتابعنا تصريح رئيس "حزب العدالة والبناء" الذراع السياسي لهم، وقال محمد صوان بأن أغلب أعضاء الحزب انشقوا عن الجماعة الأم، ولاحظنا تصريح عبدالحكيم بلحاج الذي هدد دول الجوار بفوضى عارمة، إذا دخل الجيش الليبي العاصمة طرابلس، كل هذه المعطيات، تؤكد أن معركة حسم ليبيا، والخيار العسكري الذي بدأ يلوح، ظهر قريبا جدا ألا يقف الجيش الليبي ساكناً أمام حالة اغتصاب العاصمة طرابلس.
معركة حسم طرابلس لا يخاف منها الإسلاميون فقط، ولكن الدول التي تخشى من انتقال الفوضى إليها، نتيجة لوجود مقاتلين من جنسيات هذه الدول وبالتحديد تونس والجزائر، إلى بلدانهم، هذا هو التهديد الحقيقي الذي جعل بعض الدول تتسارع.
سبوتنيك: هل سيؤثر الموقف الجزائري على مصر؟
العبود: موقف مصر من الجيش الليبي والمؤسسات الشرعية واضح منذ اليوم الأول، لا أحد ينكر أن مصر هي الداعم الرئيس للبرلمان الليبي والمؤسسة العسكرية التي تحارب الإرهاب، ولها مجهود حقيقي في فصل المسار السياسي عن االمسار الأمني، ويتطلب الأمر أن ترعى حواراً حقيقياً، تضع الأزمات على طاولة المفاوضات، وتصريحات الإسلاميين، وعلى رأسهم الصلابي، الذين فقدوا البوصلة والأرض، ليس لها معنى بعد أن فقدوا التأثير الداخلي.
التيار الإسلامي في ليبيا خسر الكثير بعد مراهنته على الجماعات الإرهابية، ونعلم أن تيار الإسلام السياسي يحتوي تلك الجماعات الإرهابية ويرعاها ويمولها، والتنظيمات التي نمت في ليبيا برعاية حركة "الإخوان المسلمين"، من خلال حزب "العدالة والبناء" والجماعة الليبية المقاتلة، فرع تنظيم "القاعدة" في ليبيا، والمشروع خسر على الأرض بتحرير بنغازي والموانىء النفطية، وقريبا الجيش سوف يكون في طرابلس، ونشبه صياح الجماعات الإسلامية وحلفائهم برقصة الديك المذبوح.
سبوتنيك: هل ترى أي أمل في التدخل الجزائري لدى الإسلاميين؟
العبود: أطمئن الأخوة الجزائريين أن الجيش الليبي حريص على تأمين الحدود، وأمن جيران ليبيا، معادلة الأمن القومي للإقليم المتأزم تعي الجميع، ومحاربة الإرهاب من أولويات المنطقة، وإذا لم يستقر الوضع في ليبيا، فلن يستقر في تونس والجزائر وتشاد ومالي والسودان ومصر، والحقيقة التي لابد أن يعلمها الجميع، أن استقرار ليبيا، والانتصار الذي يحققه الجيش الليبي على الإرهاب، هو حرب بالنيابة عن الجميع ولصالح الجميع، نحن قلنا سابقا للجزائريين أن قضية تأمين الحدود ومحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وأمن جيران ليبيا، والأمن القومي بصفة عامة قضية ضاغطة على دول الجوار، والجزائر شدية التخوف من عودة المقاتلين الإسلاميين من ليبيا.
أجرى الحوار: مصطفى الكيلاني