وبذلك يكون البنك الدولي قد رهن تقديم الدعم المالي للعراق بإتمام مشاريع المصالحة، وذلك لضمان استدامة إعادة البناء بعد سنوات الصراع، وهو نادرا ما يحصل في شروط الإقراض التي يضعها البنك للمقترضين، حيث أن الشروط يغلب عليها الجانب الاقتصادي في الغالب.
عن هذا الموضوع يقول الدكتور علي التميمي الخبير في القانون الدولي لبرنامج "الحقيقة" الذي يبث على أثير راديو "سبوتنيك"، من الطبيعي أن القروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي لابد من أن تحمل شروطا، فهو لا يعتبر منظمة خيرية، وإنما يعطي أموالا بالآجل مقابل فوائد، بالإضافة هناك شروط يفرضها على الدولة المقترضة حفاظا على هذه الأموال. ومن ضمن شروط صندوق النقد الدولي على العراق هو أن يكون هناك مصالحة وطنية وتسويات سياسية، والسبب في ذلك هو الخشية على الأموال من أن تتعرض إلى السرقات والاختلاسات أو أن تبتعد عن الأهداف أو أن تعالج قضايا تخص أطرافا معينة دون الأطراف الأخرى، وهو قليلا ما يحدث أن يقوم صندوق النقد الدولي بالبحث في قراراته عن الجنبة السياسية، لكن نلاحظ ذلك في العراق والصومال والدول التي تعاني الصراعات الداخلية خشية على هذه الأموال، خصوصا وأن هذه الأموال مرتفعة جدا ولابد من وضع الضمانات التي بها يمكن أن تسترجع الأموال".
أما عن مسألة ما إذا كان الشرط الذي وضعه صندوق النقد الدولي على العراق، والذي يمكن أن ينظر إليه باعتباره تدخلا في الشأن الساسي العراقي، يقول التميمي "الأمم المتحدة تمنع الدول الأخرى والمنظمات بموجب المادة واحد واثنين من ميثاق الأمم المتحدة من التدخل في شؤون الدول، لكن صندوق النقد الدولي بالنسبة للعراق المصنف ضمن الدول العشر الأولى في الفساد، لهذا يبحث الصندوق التسويات السياسية في أن تكون حاضرة في سبيل ضمان موارد صحيحه لهذه الأموال الطائلة، ويحافظ عليها وكذلك يضمن استرجاعها مع فوائدها، وما يجري اليوم في العراق من تسويات ومصالحات قد تكون محفزة خصوصا وأن صندوق النقد الدولي أعطى دفعة من القرض، لربما أراد بذلك أن يرى آلية التطبيق وكيف ستصرف هذه الأموال ومدى التزام العراق بالشروط التي وضعها".
يذكر أنه على الرغم من أن ميزانية العراق أكثر من 80 مليار دولار، إلا أن نحو 80% من هذه الميزانية يذهب للمصاريف التشغيلية من رواتب وتقاعد (معاشات) ومصروفات يومية، أما المبلغ المخصص للاستثمار فهو لا يتجاوز 20 بالمائة من هذه الميزانية ويتم إنفاقها فقط على المشاريع الحالية التي لم تنجز بعد، وحتى هذا المبلغ الضئيل لن يكون متوفرا بسبب حاجة البلد إلى مبالغ كبيرة جدا لشراء الأسلحة لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي.