بدأت فاطمة أحمد كمال شاكر، وهو الاسم الحقيقي للفنانة شادية، مسيرتها الفنية عن طريق الصدفة، عندما شاهد والدها إعلانًا عن مسابقة فنية تنظمها شركة اتحاد الفنانين التي أنشأها المخرج والمنتج السينمائي حلمي رفلة، مع المصور عبد الحليم نصر عام 1947، لاختيار وجوه جديدة تقوم ببطولة أفلام سينمائية من إنتاج الشركة، فاصطحبها والدها إلى لجنة المسابقة، ولم يكن سنها يتجاوز الـ18 ربيعًا آنذاك.
على الفور وبمجرد مشاهدتها، تحمس لها المخرج أحمد بدرخان أحد أعضاء تلك اللجنة، ثم قام رفلة بتبنيها فنيًا ومنحها اسمها الفني "شادية".
بدأت الممثلة الصغيرة مشوارها في عالم الفن بفيلم (أزهار وأشواك)، وبدأت تكتسب سماتها الفنية التي ستتميز بها بعد ذلك، من خلال تأدية أدوار الفتاة خفيفة الظل، حتى منحها الجمهور المصري والعربي لقب "دلوعة الشاشة".
خلال فترة الخمسينيات تعاونت شادية مرات عدة مع النجمة الكبيرة الراحلة فاتن حمامة وذلك من خلال فيلمي (موعد مع الحياة، وأشكي لمين).
وبعد فترة من عملها بالسينما بدأت شادية التغلب على نوعية الأفلام "الخفيفة" التي كانت تقدمها، وبدأت في تقديم نوعية أخرى مختلفة كليًا عن سابقتها، حيث قدمت أدوارًا تتسم بالجرأة في تناول موضوعات اجتماعية خارج "التابوهات" مثل (بائعة الخبز، وليلة من عمري، والمرأة المجهولة).
وفي مرحلة الستينيات شكلت شادية مع الفنان الراحل صلاح ذو الفقار ثنائيًا كان يعتبر من أشهر وأنجح الثنائيات في عالم الفن العربي، وقدما أفلامًا منها: (أغلى من حياتي، وكرامة زوجتي، ومراتي مدير عام، وعيون سهرانة، وعفريت مراتي) وهي الأفلام التي لاقت نجاحًا جماهيريًا واسعا، وقدمت شادية في نفس الحقبة 4 أفلام مقتبسة عن روايات للأديب المصري العالمي والحائز على جائزة نوبل في الآداب نجيب محفوظ، وهي: (اللص والكلاب، وميرامار، والطريق، وزقاق المدق)، والمدهش أن رواية "زقاق المدق" الذي تم إنتاجها كفيلم سينمائي في مصر عام 1963، وأخرجه حسن الإمام، وكتب السيناريو له سعد الدين وهبة، ومثلته شادية، وصلاح قابيل، وحسن يوسف، أعادت السينما المكسيكية إنتاجها سينمائيًا في فيلم جسدت فيه النجمة سلمى حايك، شخصية "حميدة" التي جستدها شادية قبلها بـ32 عامًا، وكان أول أدوارها في الينما ونقطة انطلاقها إلى الشهرة، ومن إخراج المكسيكي خورخي ألفونس، عام 1995.
مع بداية فترة السبعينات بدأت الأفلام التي تقدما شادية تتناقص بشكل ملحوظ حتى قدمت فيلم (لا تسألني من أنا) ثم اعتزلت بعد ذلك الفن، في منتصف الثمانينيات.
تزوجت شادية 3 مرات في حياتها، أولها من المهندس عزيز فتحي، ثم من الفنان المصري عماد حمدي لمدة 3 سنوات، ومن بعده الفنان صلاح ذو الفقار الذي انفصلت عنه عام 1969.
أنتجت شادية خلال مشوارها الفني فيلمين فقط وهم: (شاطئ الذكريات، وليلة من عمري)، وقامت ببطولتهم أمام عماد حمدي، ولكنها لم تكرر تلك التجربة لأنها لم تحقق عائدًا ماديًا يذكر.
الناقد الفني طارق الشناوي قال لـ"سبوتنيك" إنه التقى بشادية مرة أو اثنتين فقط في منزل الموسيقار الكبير الراحل محمود الشريف، وكانت تطلق عليه «خوفو» الموسيقى، وكانت هي بالنسبة له الابنة والفنانة الأقرب إلى أنغامه ومشاعره، وأضاف أن الشريف لم ير فى أصوات النساء سوى ليلى مراد وشادية بعد أم كلثوم.
وقال الشناوي إنه على الرغم اعتزال شادية الفن في عام 86 لكنها لم تغب عن الوجدان، وكان صوتها وهي تشدو "يا حبيبتي يا مصر" هو الضوء الذى صاحب كل المناسبات والأحداث الوطنية الكبرى، حيث صار صوتها يذكرك مباشرة بمصر في كل مراحلها وأحوالها، تفرح مع الوطن بعد عودة سيناء فتصبح "مصر اليوم في عيد" وقبلها كانت تتوعد بالانتقام بعد قصف الإسرائيليين لبحر البقر التي راح ضحيتها أطفال المدرسة "الدرس انتهى لموا الكراريس".
وأضاف أنها شاركت العديد من كبار المطربين أفلامهم مثل محمد فوزى، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وكمال حسنى، وهي المطربة الوحيدة التي قدمت 3 أفلام مع عبد الحليم، بل عندما شاركته أول أفلامه "لحن الوفاء" كانت هي الأكثر نجومية لأنها سبقته فنياً ورغم ذلك تحمست للفيلم وغنت معه أكثر من دويتو أشهرها "لحن الوفاء" تلحين رياض السنباطي، ووافقت على أن يسبقها في "تترات" الفيلم لأنها شعرت أن عليها دفعه للمقدمة، وفى آخر لقاء لها مع عبد الحليم حافظ في فيلم "معبودة الجماهير" أوعز البعض لعبد الحليم بأنه كيف يقبل أن يقدم فيلماً عنوانه "معبودة الجماهير" فى حين أنه "معبود الجماهير"، وكان اللقاء الأخير بينهما ولكن ظلت شادية تحتفظ بمساحة في قلبها لعبدالحليم حافظ.
يتذكر الشناوي، إحدى المواقف عن شادية، عام 1996، عندما قرر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تكريمها، حيث وافقت بعد أن اتصل بها الراحل سعدالدين وهبة، رئيس المهرجان، وكان وهبة قد شارك في كتابة العديد من السيناريوهات التي لعبت بطولتها مثل "زقاق المدق" و"مراتى مدير عام"، ولكنها في اللحظات الأخيرة تراجعت، وتردد وقتها أن الشيخ محمد متولى الشعراوي، الذى كان قريباً منها هو الذى أقنعها بعدم الذهاب، وأخذت درع التكريم نيابة عنها مديحة يسرى، ولم تعقب شادية أو تبرر أو تفسر حتى الآن سر اعتذارها المفاجئ وآثرت الصمت.