عند الحديث عن معركة الباب وبأن حلفاء تركيا دخلوا الباب، هذا يعني أن هناك سيناريو لاستخدام تقنية الأسافين والضغط على الحكومة السورية لاستخدام هذه المناطق وغيرها من المناطق الأخرى كأوراق للمساومة، وبالتالي، حجز دور محوري ومركزي في العملية السياسية في سورية. وأنا برأيي، ما يحدث هو إغراق تركيا في هذا المستنقع، وهذا جزء وجانب من الاستراتيجية الأمريكية التي عملت منذ مدة على أن يكون هناك مشروع تقسيم وتشظي وتدمير لمنطقة الشرق الأوسط، لتقوم على أنقاضها كيانات، وتركيا ليست خارج هذا السيناريو، ولكن مركز هذا الانفجار والتشظي هو سوريا، لان المشروع والاستراتيجية الأمريكية كانت تعتقد أن هناك صراعا سينشب، وستكون ساحته سوريا بين إيران وتركيا، وبالتالي تكون نهاية تدمير هذه المنطقة عبر تدمير القيم الإسلامية وغير ذلك، وحول إمكانية أن تدخل تركيا الباب؟
أقول…تركيا أعجز من أن تدخل مدينة الباب. والجيش العربي السوري قد استطاع مع حلفائه السيطرة على مناطق واسعة وقطع جميع الطرق عليهم، وبقي أمامه العقدة الاستراتيجية على طريق الباب وهي قرية أبو جبار ليصبح مسيطراً بالنار بعد التقدم الواسع الذي حققه.
وعن الأطراف الجديدة المشاركة في محادثات أستانا:
الأردن حاليا تشارك في مؤتمر أستانا فهي مدعوة لأن تحضر، وأن تشارك وأن تكون من الأطراف الضامنة، وبنفس الوقت الولايات المتحدة والأردن لا يستطيع أي طرف منهما الحفاظ على مصالحه وأمنه ومقومات شعبه إلا بالتنسيق مع الجيش السوري.
الوضع العسكري إما أن يسهل أو يعرقل الحل السياسي، الحلول العسكرية لا يمكن أن توجد حلا نهائيا للأزمة السورية. الحل النهائي للأزمة السورية هو الحل السياسي، الوضع الميداني يؤثر إما إيجابا أو سلباً، إذا كان الوضع العسكري سلبي بمعنى أن الفصائل المسلحة المصنفة دولياً على أنها إرهابية تقوى على الأرض وتحتل مساحات أوسع هذا سيعقد الحل السياسي، ببساطة لأنه إذا اتسعت رقعتهم على الأرض سيكون هناك تهديد حقيقي لوحدة سورية وسيادتها، وبالتالي حتى حل الأزمة يصبح بعيد المنال، وبالعكس عند ضربها فإن مساحة سيطرتها ستضيق، والمساحة التي تسيطر عليها الدولة السورية تتوسع، بالتالي تصبح آفاق الحل السياسي واقعية أكثر، وبالتالي بعد خمس سنوات من الصراع الدامي الذي ذهب ضحيته مئات الآلاف، فمن يظن أن الحل العسكري يمكنه أن يحل الأزمة السورية ويوصلها الى خواتمها فهو مخطئ جدا.
محادثات أستانا هي عمليا، فرز المسلحين عن الفصائل المسلحة المصنفة دوليا على أنها إرهابية، وهؤلاء سيقاتلون الإرهابيين أيضاً، وهو ما نراه اليوم على الأرض، وأستانا هي من فتح طريق جنيف، واجتماعات يوم غد سوف تعطي زخماً جديدا لعملية جنيف.
ويتابع الدكتور جميل فيما يخص فصائل المعارضة، قائلاً: في سوريا قسم من المعارضة السياسية قرارها ليس بيدها، وهي بدورها تتحول بالتدريج الى عبء على داعميها الإقليميين، لأن داعميها الإقليميين أيضا عندهم سقف وحد معين، يمكن أن يتصرفوا به، من هنا نرى أن مجموعة الرياض بسلوكها الذي يعرقل تشكيل وفد واحد تلعب دوراً في محاولة إفشال جنيف القادم، وحتى ينجح جنيف يحتاج الى وفد واحد لمفاوضات مباشرة، فهم عملياً يعرقلون الوفد الواحد.
وثانياً بمطالبهم يخرجون حتى عن قرار 2254، فهناك قضايا يضعونها وهي خارج القرار 2254، وهي ستدفع الحكومة السورية الى عدم الاندفاع باتجاه الحل السياسي، وكأن هناك في الرياض من يريد أن يستفز الحكومة السورية الى درجة يدفعها بها بعيداً عن الحل السياسي، لذلك نحن في منصة موسكو ومنصة القاهرة، نصرّ على التوزيع العادل للوفد في جنيف، ولا نقصد هنا اننا نطلب مقاعد لأنفسنا.
وأن أحد المسؤولين في الأمم المتحدة ضمن مجموعة دي مستورا، سألني إن كنا نقبل بشروط الرياض، قلت له إن المشكلة الأولى أن الرياض أخذت قرارا من جانب منفرد دون التشاور مع أحد، وهذا فيه انتهاك لسيادة المنصات الأخرى التي جرى الإقرار بها، بقرار مجلس الأمن، وبالترتيب مجلس الأمن ذكر منصة موسكو والقاهرة قبل الرياض، نحن نريد التوافق ووجهنا لهم رسالة ولم يأتنا جواب حتى اللحظة، نحن مستعدون أن نقبل بالقليل، لكن عندنا شرط لا نتنازل عنه، بأن لن تكون الرياض الأكثرية في الوفد القادم وما تبقى ليس مشكلة، ونحن نقبل بمقعد واحد إن لم يكن هناك أكثرية في تمثيل وفد الرياض لأن التجربة الماضية أثبتت أنهم إذا تحكموا في الأمور يفشلوا المفاوضات.
السعودية لديها إرادة وموقف سياسي لم يتغير لكن الأهم ماهي قدرتها على تجسيد هذه الإرادة على الأرض مقابل القوى التي تفعل في سوريا.
مقابل الاتفاق التركي الروسي في أستانا، والذي يهدف الى وقف إطلاق النار الشامل، ماذا يمكن فعله من قبلهم اليوم في هذا الإطار؟
وهل يمكن مقارنة الوزن الروسي العسكري مع الوزن الذي يؤثر به السعودبون عسكريا؟ الكفة الروسية راجحة كثيرا عملياً وسوف ينعكس سياسياً على مخرجات هذه العملية هذا ما علينا أن نفهمه.
ويختم جميل قائلاً: دي مستورا أرسل رسالة الى الحكومة السورية، وتم إعلامنا عبر الصحافة أنه سوف تبدأ المشاورات بخصوص جنيف في 20 من الشهر الجاري، والمفاوضات المباشرة سوف تبدأ في 23، وأنا أعتقد انه قبل الـ20 من شباط سوف يتم تشكيل الوفد الواحد.