الناجون من فظاعات "داعش" والقصف الذي يشنه طيران التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والمدفعية العراقية، هم فقط من البيوت المجاورة لمنطقة "الموصل الجديدة" التي لم يغادرها أحد — إلا أشلاء لجثث ضاعت أجزائها.
وتحدث مصطفى الخطيب، نائب المنسق العام لمنظمة "فزعة" التي أطلقها شباب من مدينة الموصل مركز نينوى شمالي بغداد، في تصريح خاص لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، عن تفاصيل ما يحصل من قتل يطال المدنيين في الساحل الأيمن.
ويقول الخطيب:
"يوميا نستلم جرحى بأعداد كبيرة جداً، في اليوم الواحد يصل العدد إلى أكثر من 100 جريح بمختلف الإصابات عدا القتلى، إثر القصف من غارات التحالف الدولي ضد الإرهاب والراجمات والمدفعية التابعة للقوات العراقية، في منطقة مأهولة بالسكان وفيها مدنيين يتخذهم تنظيم "داعش" الإرهابي كدروع بشرية".
وأوضح الخطيب، أن تنظيم "داعش" ينشر عناصره القناصين فوق أسطح المنازل- القناص يضرب القوات العراقية، لكن لا يتم الرد عليه بقناص أيضا ً وإنما يتم معالجته بصواريخ "تستهدف داعشي واحد" ويُقتل معه (100-200) مدني محتجز.
بنفس الوقت هناك أمر مهم جداً لفت إليه الخطيب، حول مقرات تنظيم "داعش" في الموصل، والتي يعرف التنظيم متى سيتم قصفها من قبل التحالف الدولي بطريقة يمكن تسميتها بقراءة السطور الأبعد ويغادر الدواعش هذه المقار لأنهم يعلمون أن تحركاتهم ترصد من قبل التحالف عبر الأقمار الصناعية وطائرات المراقبة، على مدى 24 ساعة.
وتابع، هذه المقرات بعيدة عن المناطق التي فيها مواجهات عمليات التحرير، وهناك أرتال عسكرية لتنظيم "داعش" تتحرك وتخرج من الموصل إلى مناطق غير محررة أو باتجاه الحدود العراقية — السورية، ولا يتم قصف هذه الأرتال، لكن يتركز القصف في الأحياء القديمة التي فيها البيوت التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، قد تسقط إثر أعيرة نارية بحجم كبير ذات تأثير.
البيوت في الأحياء القديمة للساحل الأيمن متهالكة ومتلاصقة مع بعضها يسند أحدها الثاني وحال سقط أحدها يقع الأخر معه، مثلما ذكر الخطيب.
فريق طبي أجنبي
وعن أوضاع الجرحى وأعدادهم وإمكانيات إنقاذهم، أخبرنا الخطيب،
" نحن نثني على جهود الأجهزة الأمنية وتضحياتها، هي من تقوم بحمل وإنقاذ الجرحى، من مناطق القتال إلى القريبة المؤقتة، حيث هناك فريق طبي نرويجي يضم كادرا ً بأعداد قليلة جداً، لكنهم يقومون بمعالجة المصابين بشكل مؤقت لإنقاذهم من الموت، ويتم تحويلهم إلى مستشفيات قضاء الحمدانية، جنوب شرق مدينة الموصل".
الجرحى الذين حالتهم غير طارئة يتم نقلهم إلى مستشفيات الحمدانية، أما الطارئة تستقبلهم مستشفى غرب أربيل في إقليم كردستان العراق.
ونقل الخطيب لنا الصورة عن الحال في مستشفى غرب أربيل، عن تواجده هناك قبل نحو يوم، مشيرا ً إلى أن الجرحى بأعداد كبيرة جداً والتأثير واضح على المدنيين بجروحهم المتفاوتة منها البالغة ومنها المتوسطة، ولا يوجد مصابين جروحهم بسيطة.
وقام مستشفى غرب أربيل، بسبب اكتظاظه بالجرحى وعدم تبقى أسرة خالية للمصابين الجديد، بنصب مخيم كبير قربه لإنقاذ الحالات الطارئة التي تصل يوميا ً، حسبما كشف الخطيب، مستنكرا ً عجز دائرة صحة نينوى، ووزارة الصحة عن استقبال نصف المخيم الخاص بالجرحى.
ولفت الخطيب، إلى أن المصابين هم من البيوت القريبة من التي تهدمت على رؤوس أصحابها في منطقة الموصل الجديدة — أي الساكنين الجدد الذين نقلهم تنظيم "داعش" عنوة كدروع بشرية له.
أما المدنيين في الموصل الجديدة، كلهم فقدوا حياتهم بسبب القصف والمفخخات، ولم يبق منهم سوى أشلاء، عملنا على ترتيبها بأكياس خاصة بهم ودفنوا في مقبرة موحدة قرب الساحل الأيمن وحدود الجانب الغربي للمدينة، وحتى اللحظة باعتراف رئيسة مجلس قضاء مركز نينوى، المتواجدة هناك مع فرق الإنقاذ وصل عدد الذين دفنوا في المقبرة المذكورة إلى 500 شخص.
وأستغرب الخطيب، من مناشدات الأجهزة الأمنية التي تطالب المدنيين البقاء في منازلهم وعندما تجتمع عدة عائلات في بيت واحد يأتي طيران التحالف أو القصف المدفعي ويقصفهم.
وأستنكر الخطيب صمت الحكومتين الاتحادية والمحلية، وكأن الأمر لا يهمهم، وهل من المعقول لا توجد خطط صحية وخدمية وإغاثية بسيطة للمدنيين في الساحل الأيمن، ولا يتم تشكيل فرق إنقاذ خاصة لهم تشارك الدفاع المدني في إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض؟ على حد تساؤلاته وتعبيره.
وفي ختام كلامه، ألمح الخطيب، إلى شباب من مناطق الساحل الأيسر ومن أربيل، قدموا إلى أيمن الموصل، للمساعدة في إنقاذ الناس، وهناك ناشطون في دول أجنبية وعربية أبدوا استعدادهم للمجيء والمشاركة في عمليات الإجلاء والإنقاذ.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، في بيان لها يوم أمس السبت، أطلعت مراسلتنا عليه، إن" وزير الدفاع أمر بفتح تحقيق فوري بحادثة القصف الجوي التي حدثت في حي الموصل الجديدة في الساحل الأيمن"
واعترف الجيش الأمريكي في وقت سابق من يوم أمس السبت، بأن طائرة أمريكية قصفت بناء على طلب من قوات أمن عراقية موقعاً في غرب الموصل ، يعتقد أن عشرات المدنيين سقطوا فيه بين قتيل وجريح.