وقالت المجلة الأمريكية في مستهل تقريرها: "رغم مرور 6 عقود كاملة على تأميم الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، لقناة السويس، إلا أن دولا غربية عديدة ما تزال تعتقد أن مصر تحظى بأهمية جيوسياسية كبيرة، بسبب تلك القناة، التي تجعلها حلقة وصل رئيسية بين أفريقيا وآسيا وأوروبا".
انحراف تدريجي
وأوضحت المجلة الأمريكية أن فرنسا هي مفتاح العلاقة بين مصر وأوروبا، خاصة بسبب دورها الكبير في قناة السويس، ما حدث من توتر في العلاقات خلال الحقبة الناصرية.
وأشارت إلى أن فرنسا سعت بعد تأميم القناة إلى خلق حلف جديد مع إسرائيل، وبالفعل ساعدتها بتقديم طائرات مقاتلة حديثة في تلك الآونة من نوع "فوج ماجيستر" ودعم برنامجها النووي في مفاعل "ديمونة"، بسبب تأميم مصر القناة التي كانت تسيطر عليها شركة فرنسية، ودعم القاهرة للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.
ولكن بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، وتولي الرئيس محمد أنور السادات الحكم، بدأت فرنسا تفكر جديا في إعادة العلاقات مع مصر، خاصة مع عودة الملاحة في قناة السويس.
#BridgesofFriendship French Navy Ships Mistral & Courbet accorded a warm welcome on their visit to Mumbai @SpokespersonMoD pic.twitter.com/HI81W7ynC2
— SpokespersonNavy (@indiannavy) March 30, 2017
علاقة وثيقة
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت فرنسا في اتخاذ خطوات جدية لتعميق علاقاتها مع مصر، وهذا يرجع إلى عدة أسباب:
1- التهديد الكبير الواقع على خطوط التجارة البحرية، إما من القراصنة أو الجماعات الإرهابية.
2- أزمة مهاجري البحر الأبيض المتوسط.
3- الأزمة في ليبيا.
#Egypt El-Fateh 971 Gowind 2500 Corvette.. pic.twitter.com/E2yOyLm1v4
— Sa'ka (@BTelawy) March 15, 2017
وسعت فرنسا لتوطيد العلاقات مع مصر، بتسليح سلاح البحرية المصرية، بأحدث الأسلحة، والتي بدأت ببيع 4 سفن حربية من نوع "كورفيت" من طراز "جويند-2500طن" في 2015، والتي تمتاز بأنها سفن قتالية يبلغ طولها 108 مترا.
وتنفذ تلك السفن المهام، التي بسببها قررت فرنسا إعادة العلاقات مع مصر بصورة وثيقة، حيث يمكن لتلك السفن أن تكون قطعا مخصصة للدوريات البحرية المثالية لضبط حركة كافة السفن والزوارق غير الشرعية بمحيط عملها في البحر الأبيض المتوسط، بدءا من الزوارق التي تقل جهاديين وجماعات إرهابية إلى تلك الزوارق المحملة بالمهاجرين غير الشرعيين.
ثم دعم الجيش الفرنسي مصر أيضا بحاملتي مروحيات من طراز "ميسترال"، والتي يمكنها أن تحمل نحو 50 مروحية، والتي خصصت لها المروحيات الروسية القتالية "كا-52".
كما أن حاملتي المروحيات مجهزتان بصواريخ مضادة للدروع، علاوة على أن فرنسا وعدت القاهرة بدعم حاملتي المروحيات بخدمات قمر تجسس فرنسي مخصص لمراقبة كافة المناطق التي تستهدفها "الميسترال".
ولم يتوقف الدعم الفرنسي عند المساعدة البحرية فقط، بل زودت باريس مصر بأحدث طائراتها المقاتلة من طراز "رافال".
ولم يقتصر الدور الفرنسي على بيع الأسلحة والتجهيزات العسكرية فقط، بل أجرت البحرية المصرية مؤخرا تدريبين عسكريين مع فرنسا وهما: مناورات رمسيس في مارس/آذار 2016، وتدريبات كليوباترا في يونيو/حزيران 2016، وفقا لموقع "إسرائيل ديفينس" الاستخباراتي.
وتضمنت تلك التدريبات إطلاق الذخيرة الحية لصد وتدمير أهداف أرضية وجوية معادية، وإجراء مهام إمداد وتزود بالوقود، وبالإضافة إلى شن غارات جوية ليلية، بواسطة مروحيات مضادة للغواصات، ويعتبر هذا النوع من المناورات بشكل رئيسي تكتيكات لمحاربة الإرهاب.
بدأت #الغواصة_المصرية الأولىS41من فئة تايب209/ 1400مود ألمانية الصنع رحلة إبحارها بإتجاه قاعدة رأس التين #البحرية بالإسكندرية بطاقمها المصري pic.twitter.com/ep4g7VAMiE
— خير اجناد الارض (@EERRTT122272) March 28, 2017
اليد الطولى
ووصفت المجلة الأمريكية البحرية المصرية، بأنها أصبحت صاحبة "اليد الطولى" في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أثار قلق عدد كبير من مسؤولي الجيش الإسرائيلي.
ونقلت "فورين آفيرز" عن مسؤول إسرائيلي بارز بالأمن القومي، قوله: "باتت القاهرة اليوم لاعبا مهما في البحر المتوسط، والبحرية المصرية باتت أقوى من أي وقت مضى، فهي تمتلك إحدى أفضل القوات البحرية تجهيزا في المنطقة والعالم، وأسطولها تجاوز الـ319 سفينة".
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن القوة التي باتت عليها البحرية المصرية، دفعت دولا غربية أخرى لعقد تدريبات وصفقات عسكرية مع القاهرة، والتي كان أبرزها المناورات البحرية التي أجرتها بريطانيا مع مصر، والتي شهدت أول زيارة لسفينة حربية بريطانية لميناء الإسكندرية منذ جلاء القوات البريطانية عن مصر في خمسينيات القرن الماضي.
ووصف السفير البريطاني، جون كاسون، تلك التدريابت بأنها تعبر عن عمق العلاقات بين البلدين.
حارس الجنوب
ولم تقف ألمانيا موقف المتفرج، وسعت بدورها للشراكة العسكرية مع مصر، بعدما أعلنت عام 2016 عن نيتها تزويد القاهرة بأربع غواصات ألمانية حديثة، رفضت مرارا وتكرارا منحها للبحرية المصرية.
ولعل وصف المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، القاهرة بأنها "حارس جنوب أوروبا الرئيسي"، يكشف السر وراء الدعم الأوروبي المستمر لسلاح البحرية المصرية، والذي تمثل تقويته دعم للخطط الأوروبية في مواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط.
وقالت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية إن ميركل سعت خلال زيارتها إلى القاهرة، في مارس/آذار الماضي، لأن تدعم مصر الاتفاق التركي-الأوروبي، الذي أغلق منفذ البلقان في وجه اللاجئين السوريين.
ونقلت الصحيفة الألمانية من مصدر مقرب من السلطات في مصر، قوله إن برلين سعت لأن تحصل على موافقة القاهرة بإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى ساحل ليبيا الشرقي تحت حماية البحرية، لكن مصر لم تواقف على تلك الصفقة، بسبب مخاوفها من تورطها في الشأن الليبي من تفاقم أزمة اللاجئين لديه.