نعم.. هذه هي نتيجة اللعبة، لعبة التغاضي عن إدانة الإرهابيين القتلة وتقديم الدعم لهم، ستجد نفسك بشكل مباشر شريك في جريمة القتل التي حدثت بحق 45 شخصاً — بخلاف مئات المصابين- حتى الآن في مدينتي طنطا "بالغربية"، والاسكندرية.
هذه هي اللعبة الدولية، وهذا هو الهدف، وهذه هي الجريمة في أبهى صورها، أن تدخل على كنيسة لتفجرها من الداخل، لتتخلص من أهلها وزوارها ومصليها وخدامها وكهنتها وقساوستها، وقبل هؤلاء جميعا، الأطفال الذين جاؤوا للاحتفال، فتلطخت الجدران بدمائهم، بدعوى أنك هكذا ستدخل الجنة.
لا أتحامل على الغبي الأحمق المنساق الذي ارتدى الحزام الناسف ودخل به وسط جمهور المحتفلين، بقدر ما أطالب بضرورة توجيه الصفعة لكل من أقنعه بأنه يتقرب إلى الله بدماء ذوي الديانات الأخرى، وأنه سينال درجة عظيمة، بمجرد أن يزهق أرواح الأبرياء.
قائمة المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم طويلة، فهي سلسلة طويلة من الأفراد وأجهزة المخابرات والدول، وفي الأغلب تنتهي بدولة أو أكثر، تدعم الإرهاب وتسعى إلى نشر الخراب والدمار في العالم، لتستفيد بأقصى ما تستطيع من زعزعة استقرار الدول وتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية أيضا.
دعوني أولا أضع تعريفاً لكلمة "الإرهاب":
علميا.. الإرهاب هو وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي، والإرهاب لا توجد لديه أهداف متفق عليها عالمياً، ولا ملزمة قانوناً، وتعريف القانون الجنائي له بالإضافة إلى تعريفات مشتركة للإرهاب، تشير إلى تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف.
وفي الأغلب، يكون موجهاً ضد أتباع ديانة أو طائفة سياسية معينة، أو أصحاب هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل سلامة غير المدنيين. وبعض التعاريف تشمل الآن أعمال العنف غير المشروعة والحرب. يتم عادة استخدام تكتيكات مماثلة من قبل المنظمات الإجرامية لفرض قوانينها.
وبسبب التعقيدات السياسية والدينية، أصبح مفهوم هذه العبارة غامضاً أحياناً ومختلف عليه في أحيان أخرى. ويرى خبراء أن المسيحيين والمسلمين على السواء عانوا من الإرهاب بقوة، لأسباب سياسية تحكمها صراعات دولية وإقليمية.
هذا التعريف يقودنا إلى حقيقة راسخة، هي أن ما يجري في مصر إرهاباً لحمل الدولة المصرية على القبول بمجموعة معينة من الخيارات تفرضها جماعات دولية واتحادات ترفض أن تكون لمصر كلمة عليا في ملفات خارجية، مثل الملف السوري والملف الليبي.
وفي الملف السوري أيضا، لنا فيما يحدث على الأراضي السورية مثال قوي، فالدولة السورية تحارب الإرهاب بكل ما أوتيت من قوة، وفي الوقت نفسه تحرج المجتمع الدولي الذي لم يكلف نفسه عناء تفهم الأوضاع والدعوة إلى إنهاء حالة الحرب.
ولننظر مثلاً إلى موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وجه منذ 3 أيام ضربة عسكرية إلى داخل سوريا، وقصفت طائراته المقاتلة قاعدة "الشعيرات" العسكرية، بواسطة نحو 70 صاروخاً من طراز "توما هوك"، داعما في الوقت نفسه الإرهابيين الذين هللوا للضربة مثلما هللت لها إسرائيل.
ومن يتفق مع إسرائيل في معاداة الدولة السورية؟ ويدعم الجماعات الإرهابية المسلحة ويطلق عليها لقب المعارضة المعتدلة؟ نعم — جوابك صحيح — إنها دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي أعلنت استعدادها للتحالف مع أي شخص أو دولة أو جماعة تعادي الدولة السورية.
الإرهاب ليس ما نراه في مصر اليوم.. الإرهاب هو ما يحدث في سوريا منذ سنوات.. والإرهاب هو ما يعانيه العراق منذ سنوات طويلة — بدأت بالغزو الأمريكي ولم تنته حتى الأن بوجود داعش- والإرهاب هو ما يحدث في ليبيا بعد رحيل القذافي.. والإرهاب هو الفكر الذي يبدأ بالتظاهر بـ"الدعوة" وينتهي بـ"الرصاص".
المقالة تعبر عن رأي صاحبها