ذكرت صحيفة "The Canary" أن دوغلاس قضى معظم حياته المهنية في أفغانستان كعميل سري، حيث أشيد به من قبل رؤساء عمله لقدرته على (التصرف وكأنه أفغانيا)، حيث أطلق لحيته وكان يتحدث لغة الباشتو بطلاقة.
ألف دوغلاس كتابا عن عمله في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بعد مغادرته عمله، وركز فيه على محاولته للتسلل إلى طالبان والقاعدة، وتم عرض الكتابة للمراجعة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية قبيل نشره، كإجراء معياري تقوم به الاستخبارات قبل نشر أي كتاب من قبل العاملين فيها سابقا، حيث يتم تفنيد الكتاب وحذف كل ما يعتبر أموراً سرية أو حساسة.
قيادة مهمة تغيير الحكومة السورية
أخبر لوكس القراء عن تجربته في سوريا، حيث أنه وبعد سنوات من تواجده في أفغانستان، وبينما كان جليس المنزل للتعافي من آثار تعاطي المخدرات وكسر في الكاحل، قام لوكس بشكل غير متوقع بالتواصل مع المعارضة المسلحة في سوريا، كجزء من عملية حساسة وليدة اللحظة للمخابرات الأمريكية المركزية.
وبرز بعد ذلك، حسب وصفه، كعميل استخباراتي يقود عملية مخابراتية في سوريا، على الرغم من أنه لا يملك أي معرفة سابقة بالبلد، وكل ما يعرفه عنها هو أنها تتصدر الصفحات الأولى في الصحف العالمية منذ أكثر من عام.
ويصف لوكس اللحظة التي تسلم فيها مهمته رسميا من وكالة الاستخبارات المركزية في مقطع من كتابه، حيث يعترف أنه كان عليه فجأة أن يبدأ بالقراءة عن سوريا:
"ثم توقفت عن شرب الكحول، واشتريت كوبا من قصب السكر البارد، وقبعة رعاة لبقر على رأسي، أقود دراجتي يوميا إلى النادي الرياضي، وأقرأ عن سوريا بتمهل، وعلمت أن الوضع على الأراضي السورية معقد جداً، ويعكس التنوع العرقي والديني في سوريا نفسها.
وعرف عن لوكس أنه يتحدث اللغة العربية بشكل محدود، ولكن حسب روايته، قال إنه بنهاية المطاف استطاع أن يكتب خطة رفيعة المستوى للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لإسقاط الأسد، وذلك بعد جولة سرية قصيرة قام بها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
ولكن في الواقع، إن جاسوس أمريكا ورجلها الأول في سوريا، كان قد اختلق استراتيجية إسقاط الأسد على عجل، ولا عجب أنها فشلت!
نقص المعرفة بما يجري في سوريا
تم تعميم الأسطر الختامية من خطة لوكس بشكل واسع بين مسؤولي الاستخبارات، حيث تلخص هدف عمله السري في سوريا في ذلك الوقت وكما ورد في كتابه:
"النتيجة المرجوة من هذه الخطة هي إزاحة بشار الأسد عن السلطة."
ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (ديفيد بيتروس) قد اعتمد بعض توصيات لوكس بتسليح ما يسمى "المعارضة المعتدلة"، ولكنه ما لبث أن أخبره فيما بعد أن الإرهابيين يسيطرون على الحرب.
"لا يوجد هناك معتدلون على الأرض"
وكانت وكالة الاستخبارات المركزية قد أبلغت نيويورك تايمز وعدة وسائل إعلامية أخرى أن لوكس عميل سابق لديها، بشكل رسمي، وهو أمر نادراً ما تفعله الوكالة (أن تعترف أو تنكر من يعمل لصالحها).
رد المسؤولين
ولكن هل من المعقول أن الخطة التي كان من شأنها أن تسقط الأسد، وتؤثر على حياة ملايين السوريين، وتغير الشرق الأوسط إلى الأبد، هي خطة ألفها عميل في وكالة الاستخبارات المركزية، لا يتكلم العربية، ولا يعلم عن سوريا أي شيء إلا ما يقرأه ويسمعه في عناوين الأخبار؟
تم طرح السؤال السابق على مسؤول حالي رفيع المستوى في وكالة الاستخبارات المركزية، والذي قضى جزءاً من حياته المهنية كحارس شخصي لرئيس الولايات المتحدة، وفضل المسؤول عدم الكشف عن هويته، وقال:
"حين يمتلك شخص مثل لوكس المبالغة في الشعور بأهمية الذات، فهذه غالباً صفة يشتهر بها ضباط إدارة العمليات الخارجية، ممن يفتقرون إلى المعرفة الكافية بالبلاد التي أسندت إليهم مهام للعمل بها. ويضيف:
"يفترض الجميع أن الوكالة لديها أشخاص من ذوي الخبرات في أي منطقة في العالم، ولكن حقيقة الأمر أن أصحاب الخبرات كثيراً ما يكون لديهم صعوبة في إنجاز المهمات، فالمؤسسة تفضل وجود الانحياز بالعمل على الخبرات الفنية، واجهت هذا كثيرا في عملي، لدينا خبرات رائعة ولكن لا يتم إرسالهم في هكذا مهمات، وسنكون محظوظين إن تمت استشارتهم فقط."
هذا تفسير صريح يكشف حقائق غير مريحة حول الأعمال الداخلية للمنظمات السرية مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وكيف أن مثل هذه الأخطاء تبقي على الفهم الخاطئ لماهية الشرق الأوسط بالنسبة للغرب بسبب عدم إرسال الخبراء إليه، من أفغانستان إلى العراق ومن ليبيا إلى سوريا، فالمؤسسة على ما يبدو تفضل (الانحياز للعمل على الخبرة).
تخيل لو تم إرسال جاسوس روسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزعزعة استقرار الحكومة، وكان لا يتكلم اللغة الإنكليزية، ولا يعلم شيئاً عن البلاد وثقافتها وتركيبتها السكانية!
قد يكون هذا سخف من الصعب تصوره، ولكن حالة (دوغلاس لوكس) واعتراف الوكالة بدوره في سوريا، يشير إلى أن مثل هذا السيناريو حدث ويحدث، وتحت مراقبة أقوى جهاز استخباراتي في العالم.