قد تكون مصر بمحاربتها للمشروع الإخواني قد نجت من شر التأسلم التكفيري الإرهابي، ولكن سقطت في براثنه دول عربية مثل ليبيا والعراق، ومقر الحرب الكبرى ضد الحضارة في سوريا، وتجد دول مثل تونس تعيش فوق شعرة معاوية، فهي محاطة بالإرهاب من كل جوانبها، وينتظر هؤلاء إشارة من شيخهم الغنوشي حين تنفض لعبة تقاسم السلطة الموجودة حالياً.
وتبقى الجزائر على موعد آخر مع سنوات سوداء، اذا ما غفلت لحظة عن أوكار الإرهاب الوهابي، ليس في جبالها الوعرة، ولكن في طرقاتها المليئة بمن تستعر قلوبهم حسرة على عدم اكتمال العصر الظلامي الذي أوقفه تدخل الجيش لصالح الدولة المدنية في التسعينات.
وتعيش المغرب أوقاتاً صعبة، ما بين خلاف طال أجله مع الجزائر، وصحراء مليئة بالثروات، متنازع عليها، وأوكار إرهابيين على أطرافها، وجماعة سلفية "العدل والإحسان" تنتظر أي لحظة لخفوت قوة النظام كي تقتنص فرصتها لتنقض على المغاربة.
وخلف كل هؤلاء تنظيم القاعدة في شمال مالي ونيجيريا حتى أكبر مركز لتوزيع السلاح والمخدرات في الكركرات على الحدود المغربية الموريتانية.
وتقف ليبيا في منتصف الشمال الإفريقي، ما بين شرق مدعوم من مصر، يقف أمام الإرهاب، ويحاول كسر شوكة الميليشيات المقاتلة، ووسط وغرب به تنظيمات مسلحة تقتتل فيما بينها، وتدمر كل أسبوع مناطق جديدة في طرابلس الغرب، عاصمة ما كانت "ليبيا".
وفي العراق، لا تجد ما تقوله، سوى أنه لا يوجد ركن بالعراق إلا ويعاني صراعاً طائفيا مقيتاً، بخلاف خطر الدواعش والقاعدة.
ولا يفيد أن نعيد ذكر ما في لبنان والسودان، وغيرهما من دول على شفا حفرة من الوقوع في براثن القتل الممنهج نتائج اشتعال المنطقة بالإرهاب.
يزور بابا الفاتيكان مصر، ويجري موكبه في بلد آمن نسبياً، ولكن كل ما حوله هو مدن مفقوءة الأعين، ويحوطه الدمار في كل دول المنطقة، وتسير الغربان في مواكب الخراب بمدن الحضارات، ويطلب أن يركب سيارة غير مصفحة، يسير بها في شوارع القاهرة، في زيارته التي تستمر لأقل من 27 ساعة.
البابا فرانسيس الثاني، ذلك الشخص البشوش المتسامح بعث، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، نقلها السفير البابوي بدمشق الكاردينال ماريو زيناري، وعبر فيها عن تعاطفه العميق مع سوريا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها، مؤكدا إدانة الفاتيكان الصريحة لكل أشكال التطرف والإرهاب.
ودعا البابا في رسالته إلى تضافر جهود الجميع من أجل وضع حد للحرب في سوريا وعودة السلام المنشود إلى ربوعها لتبقى كما كانت أنموذجا للعيش المشترك بين مختلف الثقافات والأديان.
وفي عيد الفصح، دعا البابا فرنسيس، لدى إعطاء بركته التقليدية "للمدينة والعالم" إلى عودة السلام إلى الشرق الأوسط، خاصا بالذكر سوريا، ووصفه بـ "البلد الشهيد" الذي يعاني من نزاع زرع "الرعب والموت".
وأمام ستين ألف شخص تجمعوا في ساحة القديس بطرس، تضرع البابا إلى الله بمناسبة إحياء قداس عيد الفصح، لينهي النزاعات في العالم وتهريب الأسلحة والمعاناة التي تلحق بالأكثر ضعفا.
وإذ ندد مرة جديدة بمأساة سوريا حيث يقع المدنيون "ضحايا حرب لا تكف عن زرع الرعب والموت"، رفع دعاءه حتى يجلب الله "السلام إلى كل الشرق الأوسط بدءا بالأراضي المقدسة، وكذلك في العراق واليمن.
وأدان البابا في هذه المناسبة "الهجوم الشنيع" الذي وقع في حلب "ضد لاجئين فارين"، وقتل نحو 110 أشخاص، غالبيتهم من أهالي الفوعة وكفريا، في تفجير انتحاري استهدف، السبت، حافلات غرب حلب كانت تقلهم بعيدا عن بلدتيهما اللتان تعانيان مرارة حصار الدواعش منذ عامين.
البابا فرنسيس ذلك الرجل الذي يعلن في كل وقت تميزه عن كل من سبقه من باباوات الفاتيكان، ويطرح حلولا استثنائية لقضايا دينية شائكة، هل سيأخذ قراراً قريبا بزيارة سوريا، هل سيقف مباشرة في صف الحضارة ضد أعدائها، هل سيدعم بشكل مباشر الدولة الشرعية ضد مرتزقة العالم، التي جمعتهم الوهابية وأذنابها.
هل ننتظر قريبا صلاة للبابا فرانسيس في دمشق؟.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)