وتم الإعلان عن وثيقة "حماس" من خلال مؤتمر صحفي لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، في العاصمة القطرية الدوحة، مساء أمس الاثنين.
ومن أبرز البنود التي تضمنتها الوثيقة والتي كانت محطَّ تساؤلٍ ونقاش، هي عدم ممانعة "حماس" إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 مع عدم الاعتراف بإسرائيل، بالإضافة لتعريف الحركة عن نفسها على أنها حركة وطنية ذات مرجعية إسلامية، دون الإشارة لجماعة الإخوان المسلمين.
وأجمع المحللون أن حركة "حماس" تحاول من خلال وثيقتها الجديدة فتح آفاق جديدة لنفسها عربياً ودولياً، خاصة في ظل ما تعيشه من حصار واختناق داخل قطاع غزة، وفي ظل الانقسام الفلسطيني الممتد منذ عام 2007.
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل رأى في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن وثيقة "حماس" تقدم الحركة بهوية مختلفة، وتشكل تطوراً كبيراً في الفكر السياسي لها.
وأشار عوكل إلى أن "الوثيقة يطغى فيها البعد السياسي على البعد الديني، خاصة فيما يتعلق بعلاقة حماس بجماعة الإخوان المسلمين، حيث أصبحت رؤية الحركة واضحة من هذا الأمر"، لافتاً إلى أن ما تضمنته الوثيقة يشكل رسالة للدول العربية والعالمية التي تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أن حركة "حماس" ليس لها ارتباط بهذه الجماعة.
ونوّه إلى أن ، "اللغة المستخدمة في الوثيقة هي لغة عصرية وسياسية وليست لغة دينية، خاصة فيما يتعلق بقبول الحركة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وموقفها من منظمة التحرير الفلسطينية، واستعدادها للانخراط في المنظمة مع ضرورة العمل على إصلاحها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
وأضاف، "على الأرجح أن حركة حماس ستركز في الفترة المقبلة على تغيير نظرتها وطبيعة علاقاتها مع الداخل الفلسطيني، فيما يتعلق في علاقتها مع المجتمع في داخل قطاع غزة، أو التعامل مع الفصائل السياسية، بما في ذلك حركة فتح".
وتابع، "حماس تعترف أن الثقة بينها وبين الجهات والفصائل الأخرى يشوبها خلل، وبالتالي عليها أن تستعيد هذه الثقة على أسس ربما تؤدي إلى ميثاق شرف وطني فلسطيني"، مؤكداً أنه يجب انتظار الممارسة الفعلية من قبل حركة "حماس" لما حملته الوثيقة حتى يتم التأكد من وجود قناعة عميقة لدى الحركة فيها.
وأضاف الدجني في حديثه لـ"سبوتنيك"، "بات من الضروري لحركة حماس تجديد الفكر، ولا يجوز أن تبقى محاكمة فكرها السياسي من خلال ميثاقها الذي كُتِب في العام 1988، الذي تتخذه إسرائيل ذريعة لأرهبة الحركة ومقاومتها".
وتابع، "من أبرز النقاط التي عالجتها الوثيقة هي مسألة العداء لليهود الذي حمله الميثاق، حيث استدركت الوثيقة ذلك بأن العداء للاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني انتقال الصراع من ديني لصراع سياسي، كذلك الميثاق وضع شرط دخول حركة حماس لمنظمة التحرير، بينما الوثيقة لم تضع شروط وأكدت على أن (م.ت.ف) إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، إضافة إلى أن الميثاق حسم بشكل مطلق بأن فلسطين أرض وقف إسلامي لا يمكن التنازل عن شبر منها، بينما ما جاء في الوثيقة يدعم التوافق الفلسطيني المقر بوثيقة الوفاق الوطني عام 2006، بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 67".
ولفت إلى أن ميثاق "حماس" حدد هويتها بأنها أحد أجنحة جماعة الإخوان المسلمين، بينما الوثيقة نأت بحماس أي ارتباط بجماعة الإخوان، منوهاً إلى أن "الوثيقة موجهة بالدرجة الأولى نحو الإقليم والمجتمع الدولي".
وأردف الدجني، "المجتمع الدولي ليس قالباً واحداً، ومواقف الدول متباينة تجاه حركة حماس، وهذه الوثيقة قد تحدث اختراقاً قانونياً وسياسياً لدى الاتحاد الاوروبي ودول أخرى تصنف حماس بالمنظمة الإرهابية".
وشدد على أن " ما ينتظره العالم من حركة حماس بعد الوثيقة أن تترجم الأقوال بالأفعال والنظرية مع التطبيق، وأن تبدأ الحركة سياسة جديدة تؤهلها للتنافس على قيادة المشروع الوطني، على قاعدة الشراكة والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة".