لكن قصر الجولة وكثافة اللقاءات اليومية، التي فعلاً كانت أكثر من الجولات السابقة، لم تنعكس على الواقع العام كما بدا ذلك من تصريحات الأطراف المشاركة عقب انتهاء الجولة وأثنائها.
الآلية التشاورية
المفصل الأهم في هذه الجولة كان الاقتراح الذي قدمه دي ميستورا تحت مسمى "الآلية التشاورية" التي كان الهدف منها تنظيم لقاءات على مستوى خبراء من أجل مناقشة المسائل الدستورية والقانونية والاتفاق على المبادئ الدستورية العامة.
وقدم دي ميستورا، أول أيّام الجولة، يوم الإثنين، ورقة اقتراح على الأطراف السورية المشاركة في مباحثات جنيف، مفادها إنشاء آلية تشاورية تقوم أساسا بالتركيز على نقاش سلة الدستور ضمن فريق عمل من خبراء أمميين ومن الحكومة والمعارضة.
هذا الاقتراح جوبه برفض مطلق من وفد الحكومة، وباعتراضات من الهيئة العليا للمفاضات التي قدمت ورقة عبارة عن استفسارات حول دور الآلية ومرجعيتها.
وانتهى الأمر بوضع الاقتراح جانباً والتركيز على عقد اجتماعات تقنية على مستوى الخبراء من أجل مناقشة السلال الأربع (الحوكمة، الدستور، الانتخابات، الإرهاب) وهو ما بوشر فيه بالفعل في اليوم الثالث والرابع. وقد اعتبر المبعوث الأممي أن "اللقاءات التقنية ليس هدفها الحلول مكان المفاوضات الأساسية لكنها تساعد على الدفع بها قدما".
المطرقة
فما بين الآلية التشاورية واجتماعات الخبراء والتقنيين، يبدو أن ستافان دي ميستورا، استحدث وسيلة جديدة للتعامل مع الأطراف السورية أثناء الاجتماعات الثنائية معهم، وهي "مطرقة القاضي".
وبحسب ما علمت "سبوتنيك" فإنّ أحد الاجتماعات التي جمعت المبعوث الخاص مع وفد الهيئة العليا للتفاوض شهد ضرباً شديد القوة على الطاولة، أحدثته "مطرقة القاضي" التي كانت بجانب دي ميستورا، وذلك بتأكيد أحد الحاضرين من وفد الهيئة لـ"سبوتنيك". ويقول الشخص أن امتعاض أعضاء الهيئة العليا للتفاوض كان كبيراً جداً وخاطبوا المبعوث بالقول "نحن لسنا في المحكمة وأنت لست قاضيا".
محادثات اللامحادثات
أمّا رئيس وفد الحكومة السورية، بشار الجعفري، فأعلن أنّ الوفد ناقش فقط موضوع اجتماعات الخبراء مؤكدا أنه لم يجر التباحث في أي من السلال الأربع في هذه الجولة.
أمّا رئيس وفد "منصة موسكو"، مهند دليقان، فاعتبر أن الجولة شهدت تقدما نحو تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين منصات المعارضة.
انسحابات وخلافات علنية
وشهدت الجولة عددا من الخلافات ضمن وفد الهيئة العليا للمفاوضات والهيئة نفسها، إذ أعلن يوم أمس عدد من الفصائل العسكرية المشاركة في الوفد التفاوضي في جنيف تعليق مشاركتها ابتداء من اليوم، بسبب عدم وجود استراتيجية تفاوضية.
وعللت هذه التنظيمات تعليق مشاركتها بعدم وضوح المرجعية والتخبط في اتخاذ القرار، وعدم وجود استراتيجية تفاوضية، والعلاقة بين الهيئة العليا للمفاوضات وبين الوفد المفاوض الرئيسي لا تصب في مصلحة الثورة.
لكن ما لبثت الهيئة العليا أن أعلنت في اليوم التالي عن حل الخلافات وحضور الفصائل والوفد المفاوض بكامل عديده.
كذلك الأمر شهدت صفوف الهيئة تناقضاً في توصيف خطوات دي ميستورا حول اقتراح الآلية التشاورية، حيث صرح عدد من أعضاء وفد الهيئة العليا للمفاوضات عقب أحد اجتماعاتهم مع دي ميستورا بأنّه قام بسحب اقتراحه، وهو أمر ما لبث أن نفته الهيئة بشكل رسمي رغم استمرار الأعضاء التأكيد عليه.
الجولة السابعة
وفي حين أعلن رئيس وفد الحكومة السورية بشّار الجعفري، أن دمشق ستكون مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد رمضان الذي ينتهي أواخر حزيران/ يونيو، فإن دي ميستورا لمح في مؤتمره الأخير إلى إمكانية عقد الجولة التالية (السابعة) في شهر حزيران/ يونيو القادم.
وكانت الجولة السادسة من المحادثات السورية في جنيف قد بدأت في 16 أيّار/ مايو الجاري بمشاركة كآفة الأطراف السورية، وذلك بعد أسبوعين من اجتماع أستانا حول سوريا والذي قضى بالتوصل إلى مذكرة حول مناطق تخفيف التوتر.