وأشار الكاتب في مقالة، نشرتها صحيفة "البعث" السورية، إلى أن الأمريكيين كانوا يغرقون في أوحال غزو العراق، وكانت بعض دول المنطقة تستفيق على هول قيام نظام مدعوم من الغرب، لكنه أشد عداء لهم من صدام في العاصمة العراقية، الأمر الذي دفع تلك الأطراف إلى ممارسة لعبة ماجنة من الهروب إلى الأمام، على حد قول الكاتب.
وأضاف: عملت واشنطن على ضرب المقاومة العراقية من خلال تشجيع عناصر من تنظيم القاعدة جرى استقدامهم من أفغانستان، وشرّعت لهم الحدود بين سوريا والعراق لتجعل منها أرضاً خلاء، دون سلطة، خاصة بعد رفض "إنذارات" كولن باول في دمشق، فيما انكبت دول في المنطقة على تغذية مشروع إقامة كيانية طائفية حاجزة تمتد على كامل مساحة الأنبار العراقية وصولاً إلى عمق بادية بلاد الشام، على حد تعبير الكاتب.
وبيّن هاشم أنه بهذه الطريقة نشأت "داعش" التي ستتبنى المشروع نفسه، والتي ستأخذ على عاتقها مهمة تجسيده واقعاً سياسياً وجغرافياً تحت يافطة إلغاء حدود سايكس- بيكو، ولكن كـ "عدو!!" مستحدث في مواجهة ما يسمى "الصليبية الأمريكية" عام 2014.
وأكد الكاتب أنه بعد أربعة عشر عاماً على إطلاق المشروع، لا يزال الأمريكيون يعملون، دون جدوى، على استيعاب دروس فشل دعم الإرهاب في العراق، فيما تجرّب بعض الدول تجاوز الرهانات الخاسرة من خلال الإمعان في المزيد من إثارة النعرات السياسية والطائفية هناك. معتبراً أن كلاهما لم يعترفا حتى الآن بوحدة الشعب العراقي، ويناوران حيال مسألة وحدة الأراضي العراقية، وطبيعة الحكم والنظام السياسي في بغداد، وكلاهما يعتبر أن معركة فاصلة بانتظارهما اليوم على جانبي الحدود السورية العراقية، وأن عليهما أن يحققا ما عجزا عن تحقيقه على امتداد سنوات الحرب على سوريا.
وأوضح هاشم أن محاولات تقويض السلطة المركزية وتشجيع قيام كيانات وجيوب انفصالية تتوزّع خاصة على مختلف المناطق الحدودية أصبحت دون جدوى، مبيناً أن البيئة الاستراتيجية المنتظرة تبدّلت بالفعل، ولكن في غير ما يشتهي هؤلاء، وانقلبت "مؤامرة" الحدود المفتوحة حقاً، ولكن لصالح "قوى المقاومة"، على حد تعبيره.
وقال الكاتب هاشم: ليست البادية السورية معركة منسيّة، بل قد تكون "أمّ المعارك" التي ستنهي سنوات من التدخل الأمريكي والخليجي المباشر وغير المباشر في الشرق الأوسط العربي. وعلى قدر ما يكتنفها من التعتيم والتشابك والتعقيد وتناقض أجندات الأطراف المتواجدة على الأرض، تكتنفها، بالمقابل، الرهانات المستقبلية، والإصرار على الهدف، وقوة صراع الإرادات. فما أريد له أن يكون ذات يوم فاصلاً بين الشعب العربي في سوريا والعراق يتحوّل، بوحدة المعاناة والاستهداف، إلى فرصة استثنائية لتلاقي أهم عاصمتين في التاريخ العربي، وأكثرهما تأثيراً سياسياً وحضارياً في الحداثة العربية المعاصرة. وليس ذلك بعيداً أو مستحيلاً، فالإدارة الأمريكية لا تملك غير التحرّك في حدود المناورة السياسية الضيّقة، واللعب، إلى أمد ما، على هامش اتفاق مناطق تخفيف التوتر، في إطار تجنبها للصدام. وطالما أن تجربة "الصحوات" سقطت غرب العراق، فهي مرشّحة لذلك حكماً في شرق سوريا، خاصة وأن هذه التجربة، السيئة الصيت، كانت لقيت فشلاً ذريعاً ونهاية "مفجعة" في الشمال.
وختم بالقول: الحرب على سوريا بدأت سياسية مع بدء احتلال العراق، واتخذت مضمونها الإرهابي التدميري التكفيري مع الصعود الوهابي لاقتياد "الربيع" إلى أحضان دول النفط بمشروعها لتقسيم المشرق العربي إلى كيانات طائفية توّجت بـ "دولة العراق الإسلامية"، ومن ثم ما سمي بـ"الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام".