حملة تشويه الدوحة
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نشرت مقالا تحليليا لكريستيان كوتس أولريكسن، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، وزميل معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، قال فيه إنه بغض النظر عما إذا كانت تصريحات تميم مصنوعة أو ملفقة — حيث أكد الحاضرون في التخرج العسكري على أن الأمير لم يلق أي كلمة على الإطلاق — أثارت التصريحات ضجة فورية في وسائل الإعلام الإقليمية، وكثير منها مقرها في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد منع كلا البلدين قناة "الجزيرة" وغيرها من وسائل الإعلام القطرية في أعقاب الادعاءات، ونشرت مقالات يومية، فمنذ ذلك الحين أخذت خطاب الأمير "المزعوم" على أنه حقيقة، وشرعوا على هذا الأساس في اتهام قطر بأنها الحلقة الضعيفة في تهديد الاستقرار الإقليمي من إيران والإرهاب وطالبوا قطر باختيار إما جانب دول مجلس التعاون الخليجي أو إيران.
وقال كوتس، إن الشدة والكثافة التي تغلف المقالات الهجومية على قطر، تؤكد أن هناك حملة منظمة تجري لتشويه سمعة الدوحة إقليميا ولكن أيضا — وبشكل حاسم — في نظر إدارة ترامب.
وأضاف أن ذلك يأتي بعد ثلاث سنوات من المواجهة بين قطر وثلاثة من جيرانها (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين) ومنذ ذلك الحين، تبادل الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد المؤثر، الزيارات المتكررة، ويبدو أن قرار قطر بإرسال 1000 جندي إلى اليمن في سبتمبر/ أيلول 2015 يشير إلى أن الاضطرابات التي حدثت في عام 2014 كانت شيئا من الماضي. متسائلًا "ماذا إذن، قد تغير، ولماذا اندلع فجأة النزاع مرة أخرى وبهذه الطريقة؟".
عامل ترامب
يرجح كوتس أن التقارب بين العوامل قد حول المشهد الجيوسياسي في الخليج، حيث أشارت إدارة ترامب إلى أنها تعتزم اتباع مجموعة من السياسات الإقليمية التي تتماشى إلى حد بعيد مع تلك الموجودة في أبوظبي والرياض. وكان كل من محمد بن زايد ونائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من كبار من زاروا واشنطن في الفترة التي سبقت قمة الرياض مع القادة العرب والإسلاميين. وعلاوة على ذلك، فإن عدم خبرة الكثيرين في السياسة داخل دائرة ترامب الداخلية قد أتاح فرصة لكل من السعوديين والإماراتيين لتشكيل جبهة تفكير داخل الإدارة في القضايا الإقليمية الهامة مثل إيران والإسلاموية، وكلاهما كان واضحا خلال زيارة الرياض.
ويضيف أنه في حين سعت إدارة أوباما إلى تعزيز مشاركة الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي ككتلة، ركز ترامب بدلًا من ذلك على السعودية والإمارات العربية المتحدة باعتبارهما الركيزتين التوأمين لنهجها الإقليمي. وتفيد التقارير أن روابط قوية بين مستشار ترامب وصهره جريد كوشنر ومحمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، وكذلك يوسف العتيبة، سفير الإمارات المؤثر في واشنطن.
ويقول كوتس إن المديرين الرئيسيين في إدارة ترامب، مثل وزير الدفاع جيم ماتيس، ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، يتبنون وجهات نظر حول إيران و"الإخوان المسلمين" لا يمكن تمييزها تقريبا عن تلك الموجودة في الرياض وأبو ظبي. وقد بدأت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في الظهور كركيزتين رئيسيتين لسياسات الولايات المتحدة الإقليمية، بما في ذلك مجموعة من المصالح الدفاعية والأمنية؛ فإن الغارة المشتركة التي شنتها القوات الخاصة الأمريكية والإماراتية في اليمن في يناير/ كانون الثاني ربما تكون فقط أول مبادرة مشتركة متعددة في مناطق النزاع الإقليمية في الأشهر والسنوات المقبلة.
وأشار إلى أن الحملة الإعلامية الإماراتية السعودية ضد قطر تزامنت مع حدث رفيع المستوى في واشنطن، حيث طرح المسؤولون الأمريكان الكبار السابقون المحللون شكوكًا حول موثوقية قطر كشريك أمني إقليمي.
اللعب في الأماكن العامة
يقول كوتس، إن هناك اختلافات بين هذا الخلاف الأخير بين الدوحة ودول الخليج والخلاف الذي وقع في الماضي ليس أقلها الطريقة التي يتم بها المواجهة الحالية في وسائل الإعلام بدلًا من وراء الأبواب المغلقة لاجتماعات القادة، فقد يكون صناع القرار في الرياض وأبو ظبي يأملون في الضغط على القيادة في الدوحة لتقديم تنازلات أو الانتظار لمعرفة ما إذا كانت إدارة ترامب ستبلع طعم "الهجوم الإعلامي على قطر" دون الحاجة إلى اللجوء إلى التهديدات أو العقوبات الرسمية مثل سحب السفراء.