وأن هذه المناطق التي أطلق عليها تسمية المناطق المتنازع عليها، كان بالإمكان حلها بأشهر قليلة أو بمدة لا تتجاوز السنة، لو لم تكن هناك نية مبيتة تجاه هذه المناطق التي تعرضت خلال نصف قرن إلى تغيير ديموغرافي حاد نقل فيه السكان من جنوب ووسط العراق إلى كركوك مثلا، وهجر مقابله مئات الآلاف من المواطنين خارج المدينة، لكن حين وضعت المادة 140 تم وضع خارطة طريق آخرها كان استفتاء أهالي هذه المناطق، وهذا ما يؤكد عليه الخطاب السياسي لإقليم كردستان، فكردستان لا يريد ضم أي مدينة أو قرية دون أخذ رأي سكانها، وذلك يكون باستفتاء سكان هذه المناطق.
هناك أجندات كثيرة أو أصابع مُدت إلى الملفات العراقية، لكن لو كان هناك من يمنع هذه الأصابع من التدخل لكنا قد أنجزنا الكثير من الإشكاليات التي تواجهنا بين الإقليم وبين بغداد، وأنا أعتقد حينما يتم الانتهاء من الثلاثة كيلو مترات المربعة في مركز مدينة الموصل ويتم تحريرها من "داعش" فستبدأ إشكاليات أكثر تعقيدا في مسألة الموصل.
هناك اتفاق في إقليم كردستان في أن يكون الرأي الأخير في مسألة الاستقلال لسكان المناطق، فإذا ما اختار سكان سنجار مثلا في أن لا يكونوا ضمن الإقليم، فلن تفرض عليهم حكومة الإقليم التبعية إلى إقليم كردستان، وكذا الحال مع بقية المناطق التي تعرضت للتغيير الديموغرافي.
نحن نقوم بعملية ديمقراطية متحضرة ولا نفرض واقع حال على المدن كما تشيعه بعض وسائل الإعلام، عبر تشويه الحقائق في أن إقليم كردستان يستخدم أسلوب واقع الحال في هذه المناطق.
نحن ندعو جميع المنظمات في الإشراف على عملية الاستفتاء بأسلوب حضاري متمدن ومن دون مناكفات سياسية.
أنا أعتقد أن ما حققه إقليم كردستان منذ عام 2003 ولحد الآن باستثناء السنوات الثلاث العجاف التي فرضت علينا منذ عام 2014 المتمثلة بفرض الحصار على الإقليم وقطع حصته من الموازنة لخلق أزمة مالية وكذلك الهجمة الإرهابية التي طرقت أبواب العاصمة أربيل ونجاح الإقليم في التصدي لها الحفاظ على هذا الملاذ الآمن لكل العراقيين وليس لكردستان فقط، فقد نجح الإقليم في خطة الازدهار والبناء، حيث كانت نسبة الفقر أكثر من خمسين بالمائة من السكان عشية سقوط النظام السابق، استطاعت إدارة الإقليم أن تخفض نسبة الفقر إلى ما دون الخمسة بالمائة، فمن جامعة واحدة في الإقيم إلى أكثر من عشرين جامعة، وتحولت أربيل من مدينة بدائية إلى واحدة من المدن التي يفخر بها عموم العراقيين، وهذا يعني أن الشعب يحق له التمتع بحريته في الاختيار في أن يكون دولة أو فدرالية أو اتحاد كونفدرالي.
تبقى حقيقة واحدة على الجميع معرفتها، هي أنه حتى إذا تحول كردستان إلى دولة، فسيكون عمقها الاستراتيجي بغداد والعراق، وسيبقى كردستان ظهير وحليف استراتيجي لبغداد.
نحن لا نستطيع قطع أواصر النسيج الذي يربط العراقيين والكردستانيين منذ مئات السنين، حتى وإن تحول كردستان إلى دولة سيبقى العراق في ذاكرة الكردستانيين، كما سوف يحتفظ العراقيون بفخر في علاقاتهم مع الكردستانيين.