الأحداث المأساوية التي جرت في سيناء والمتمثلة بالأعمال الإرهابية التي نفذت ضد مواقع الجيش المصري و راح ضحيتها عدد كبير من الشهداء،وإعلان تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن هذه الأعمال الإرهابية الشنيعة تستدعي الكثير من الإهتمام والدقة في التعامل مع التطورات الراهنة ليس فقط من قبل الدولة المصرية بل من كل دول المنطقة التي تواجه هذا الشر المدمر الذي يضرب دول المنطقة واحدة تلو الأخرى
وفيما يخص هذا الحدث ومجريات الأحداث بشكل عام لابد من طرح مجموعة من التساؤلات أهمها:
ما مدى الخطر المحدق على الأمن القومي المصري بفعل هذه الإعتداءات ومن هي القوى الحقيقية التي تقف ورائها؟
هل يأتي هذا الأعتداء رداً على دور مصر في المنطقة في ظل التحولات الكبيرة لجهة محاربة الإرهاب في ليبيا تحديداً وحتى الموقف من دعم الجيوش الوطنية في البلدان العربية التي تعاني من هذا السرطان؟
هل للمواقف المصرية السياسية الحالية دور في تخريب المشروع الذي يهدف إلى تدمير جيوش المنطقة وإسقاط دولها ما استدعى إلى توجيه رسائل تحذيرية لمصر من قبل هذه الجهات حتى تعدل عن مواقفها؟
كيف للدولة المصرية أن تتعامل مع هذه التطورات الخطيرة بالتوازي مع التصعيد الجاري حاليا في المنطقة كلها؟
هل ستتخذ مصر بناء على هذه التطورات مواقف سياسية وحتى عسكرية تعطيها المساحة المطلوبة والدور المنتظر في مواجهة الإرهاب في دول المنطقة وخاصة سورية والعراق إنطلاقاً من ترابط الأمن القومي؟
لكن قبل الدخول في تفاصيل ماجاء على لسان اللواء الشهاوي نضعكم في صورة تفاصيل الحدث والعمل الإرهابي حيث زودتنا الإعلامية المصرية فاتن غلاب بتفاصيل لم تنشر عن الحادث على النحو التالي: أكدت الإعلامية المصرية فاتن غلاب حسب وصف شهود عيان أنه في تمام الساعه الرابعة فجراً، كانت الأوضاع مستقرة وجميع عناصر الجيش في أماكنهم جاهزون للتصدى لأي إعتداء محتمل، والفريق الآخر من الوحدات المرابطة كان في وضع الراحه لتبديل الخدمات.
وفجأة وصلت إحدى السيارات المفخخه والتي تم تدريعها بشكل جيد جداً وتمويهها داخل أحد مزارع الزيتون التي تعتبر ملاجىء وانفاق غير شرعية حيث يمكن تمويه منزل كامل داخل أي مزرعة من بين عدد كبير من المزارع الموجودة في هذه المنطقة واستكملت غلاب تفصيل الحادث قائلة أن السيارة المفخخه عند دخولها الكمين تعاملت معاها قوات الكمين بالمدفع 23 مم وال آربي جى وإنفجرت ولشده تدريعها انفجرت قريب من الكمين. ثم بدا الضرب بأسلحة الهاون من سيارات الدفع الرباعي الموجودة بالمزارع بأسلحة الآربي جى على الكمين.
وخلال دقيقه كانت باقي القوات قد أنتشرت في أماكنها وبدأت ترد بشراسه على مصادر النيران في نفس التوقيت كان هناك حوالى 12 سيارة دفع رباعي من طراز كروز محملة بالسلاح، وهجمت العناصر الإرهابية من جميع الاتجاهات وطوقوا الكمين بشكل كامل وبحسب الشهود سمعوا وقتها القائد المنسي ينادى على العمليات يطلب الدعم نحن نتعرض لهجوم عنيف، وكان الرد اثبت يا بطل الدعم في الطريق، تمام يا فندم إحنا ثابتين لآخر طلقه وآخر نفس.
وأضافت غلاب: من الواضح أن نية الدواعش كانت السيطرة على الكمين ورفع أعلامهم عليه لذا هاجموا بأعداد كبيرة تقدر بحوالي من 100 إلى 150 تكفيري حسب الأرقام التي أعلنتها القوات المسلحة المصرية ثم وصل الدعم فى وقت قياسي ولأول مره تخرج طائرة الأباتشي لمعاونه القوات المتواجدة في منطقة المواجهات، وانسحب كلاب الدواعش كالفئران وأخذوا معهم ما إستطاعوا من جثثهم وتم تحقيق خسائر فادحة في صفوفهم وعتادهم بدعم من طائرات إف ستة عشر والقوات البرية الموجودة هناك وتتبعهم الطيران إلى داخل المزارع ودمر لهم ثمانية عرباب دفع رباعي من نوع كروز، والتقطت الحرب الالكترونيه الخاصه بقواتنا إشاره لأحدالتكفرين يستغيث بأن قتلاهم وصل إلى 73 تكفيري.
يقول لواء أركان حرب محمد عبد الله الشهاوي المستشار العسكري بكلية القادة والاركان: هذه الأعمال الإرهابية ليست جديدة ولكنها زادت بصورة ملحوظة بعد ثورة 30 يونيو 2013، حيث أنها وصلت مابين 30 يونيو 2013 وحتى 30 يونيو 2017 إلى 1329 حادثة إرهابية، وثم بدأت تنحسر وتقل حتى النصف الأول من عام 2017 إلا أن حادث أمس الإرهابي والذي يقف ورائه سببين هما:
ذكرى ثورة 30 يونيو 2017 ، والسبب الثاني أن هذه الجماعات الإرهابية تريد أن ترسل رسالة إلى من يدربها ومن يدعمها ومن يسلحها وهي دويلة قطر وأطراف إقليمية أخرى بأنها لازالت قادرة على خدمتها والقيام بما هو مطلوب منها.
قطر أنفقت 65 مليار دولار على تسليح وتدريب الجماعات الإرهابية وتتسلح بشكل كبير علماً أن تعداد الجيش القطري لايتجاوز 12000 عسكري، ومن هنا لابد من التساؤل عن الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية التي تبيع هذا السلاح والتي تغض النظر عن أي جهة يذهب إليها هذا السلاح، وعلى المجتمع الدولي أن يعاقب الدول التي تقوم بدعم الإرهابيين وتسليحهم.
واستطرد اللواء الشهاوي قائلاً: هناك أطراف إقليمية دولية متورطة بعدم الإهتمام وبغض النظر عن دعم وتسليح الجماات الإرهابية مثل قطر وإسرائيل وتركيا، وإسرائيل تعد العدو الأول لمصر، وهناك دول أخرى تغض النظر عن تمويل ودعم المجموعات الإرهابية، والجيش المصري يتبع حالياً إستراتيجية أستباقية حيث قام الجيش المصري بقتل 26 إرهابياً في منطقة الشيخ زويد القريبة من رفح، وهذ الحادث الإرهابي كان أيضاً ردة فعل على الضربة القوية ضد الإرهابيين، ولا أقول داعش هنا لأن "داعش" تعتبر في كل من العراق والشام، ولكن دولاً بعينها وأجهزة إستخبارات أطلقت هذه التسمية على تنظيم "داعش" الإرهابي تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام، وداعش ليست دولة إسلامية لأن الإسلام دين الوسط ولايقوم بقتل الأبرياء وحرق وترويع المواطنين.
وأردف اللواء الشهاوي قائلاً: زد على ذلك أن هناك تهديداً حقيقياً للأمن القومي المصري من جهة ليبيا في شرق ليبيا وهناك تحديات كبيرة على الحدود الغربية لأن الحدود طويلة وتمتد إلى 1115 كم، وهناك توتر كبير في ليبيا وتوجد على أرضها جماعات وميليشيات مسلحة، ومن هنا مصر تعمل على الحفاظ على أمنها القومي من خارج حدودها، وهذا ما رأيناه عندما قامت القوات المصرية بضرب الإرهابيين في درنة رداً على العملية الإرهابية التي وقعت في محافظة المنية ضد أخوتنا المسيحيين ولذلك في اي مكان يؤثر على الأمن القومي المصري يمكن أن تذهب إليه مصر قبل أن يصل إليها وتدمره.
وحول أن يكون هذا الحادث دافعاً قوياً للقيادة المصرية في أن تتخذ قرارات حاسمة على المستوى الإقليمي بدعم الجيوش الوطنية التي تحارب الإرهاب في سورية والعراق قال اللواء الشهاوي: مصر لن تبعث قوات برية إلى سورية والعراق، ولكن يمكن لمصر أن تقوم بعمليات جراحية من خلال قواتها الجوية، وأنا أدعم دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو تشكيل قوة عربية مشتركة بإمكانها أن تذهب إلى أي مكان لحماية الأمن القومي العربي وخاصة أن كل القادة وشعوب المنطقة باتوا يدركون حالياً مدى الخطر المحدق وحجم التحديات التي تواجه كل دول من دول المنطقة.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم