وأكد بركات أن التفات الغرب، بالتحديد الأمريكان، إلى هذه القضية، ليس وليد البارحة، بل يعود اهتمامه القائم على غسيل العقول بشكل فعال وبطريقة ناعمة، منذ أربعينيات القرن الماضي، حيث وجه الأمريكان البروباغاندا الخاصة بهم إلى الأطفال، وقد اعتمدوا في هذا على الصورة المبهرة بصريا من خلال أفلام "والت ديزني" وجندي المارينز "باباي" ثم حلقات "توم وجيري".
ولفت إلى أنه في مقابل ذلك كانت هناك أفلام كرتون سوفييتية فقيرة فنيا وتفتقد إلى الإبهار البصري مثل الذئب والأرنب، وسلسلة "نو بوغودي" وبهذا استطاع الأمريكان السيطرة مقدما على جيل المستقبل في العالم، من خلال أفلام الكرتون التي زرعت فيهم "حب النموذج الغربي" دون أن يعلموا إلى أي درجة نجح الأمريكان في صنع أيقونات بصرية مثل "باز ألدرين" ثاني رجل يطأ سطح القمر من خلال فيلم "حكاية لعبة" حين رافق راعي البقر في التسعينيات من القرن الماضي، بينما "يوري غاغارين" أول رجل يصعد إلى الفضاء لا يذكره سوى القلة الّذين كانوا يعلّقون صورته في غرفهم، ولا عجب هنا أن الصين كانت تمنع أفلام كرتون ديزني وأفلام الكرتون الغربية عامة درءا لخطرها المستقبلي على عقول الأجيال الناشئة.
وأضاف بركات إلى أن الغرب لم يكتف بأفلام الكرتون، إذ كانت هوليوود سلاح الدمار الشامل الحقيقي الّذي سيطرت به على أفكار الشعوب من خلال عيونهم، في مقابل أفلام سوفييتية وشرقية جيدة المضمون ولكن فقيرة الصورة.
وبخصوص الموسيقا اعتبر الصحفي بركات أن السوفييت تفوقوا في نوعية وقيمة موسيقاهم التي — رغم أنها حزبية ووطنية — استمرت حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، موضحا أنه لا يمكن مقارنة كل إرث "البوب والروك أند رول" الغربي بأغنية واحدة مثل "كاتيوشا" أو مثل "نشيد الحقول" للموسيقار "ليف كنيبر"، ولكن مع ذلك نجح الأمريكان في فرض أغانيهم ونمط موسيقاهم في العالم رغم سوء الكثير منها، عبر الإبهار البصري، في مقابل رصانة من يغني الأغاني السوفييتية الجميلة التي كان يغني معظمها كورال الجيش الأحمر في موسكو.
وأضاف:
انتبه الروس مؤخرا إلى خطورة الموضوع، وقاموا بصناعة أفلام كرتون مشرقة وملونة، مبهجة وتجذب عين الطفل، وكان أن حصد المسلسل الشهير "ماشا والدب" أعلى نسب متابعة عالمية، حتى داخل أمريكا نفسها.
وخلص الصحفي بركات إلى أنه في المحصلة يمكن القول أن القوة العسكرية الأكبر في العالم، لم تكن لتنجح في جعل نفسها الشرطي العالمي صاحب العصا العسكرية الثقيلة، لو لم يكن لهذه القوة أرجل وأذرع تسندها وتمهد لها طريقها، أما أهمها فهو الفن بأنواعه من موسيقا، سينما وأفلام كرتون وغيرها. حيث يصبح قاتلا منبوذا مثل "رامبو" هو الحلم والشخصية التي يريد كل الأطفال أن يكونوها، طالما أنها قادرة على فعل كل شيء يخطر في بالها، كما قدمتها الميديا الأمريكية دون عقاب حتى، وحدث أننا كالعادة استقبلناها ونحن نهلل لهذه الخسارة التي طغت على عقول أجيال عربية عدة، نشأت وتربى وعيها على ما قدمته لها هذه الميديا العسكرية بكل ما للكلمة من معنى.