وقال خبير الشؤون العربية لوكالة "سبوتنيك" ليونيد إيسايف إن" خلال الأشهر الأخيرة، كان الأمير بن سلمان يختفي من شرائط الأخبار ولم يكن هناك شيء معروف حول ولي العهد لمدة عدة أيام. وجاء كل ذلك متزامنا مع إشاعات مستمرة تفيد بأن الملك المريض قد يتنازل عن السلطة لصالح ابنه".
ولكن في الواقع، كان الوضع يشكل على منهج صحيح ولصالح ولي العهد محمد بن سلمان. بالفعل، الوضع في الاتجاه اليمني حزين ومعقد وفي الجبهة السورية، انسحبت السعودية بشكل كامل. ولكن فيما يخص الجبهة القطرية، فمن الممكن الحديث حول تقدم.
عجرفة وجرأة قطر
أكد الخبراء مرارا أن الخطة الموجهة إلى قطر التي وضعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والتي تكمن في معاقبة قطر قد تكون ناجحة في حال واحد — إذا تم إخافة قطر بشكل سريع ومن ثم إخضاعها. ولكن الأمير تميم تمكن من تحميل الضغط، بل هاجم من جانبه أيضا. وقررت قطر إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى البلاد خلال سفرهم على متن الخطوط الجوية القطرية، في خطوة تهدف لتشجيع السياحة.
ويرى الخبير ليونيد إيسايف أن جرأة وعجرفة قطر تفسر بشكل بسيط. "الوضع وصل إلى طريق مسدود ولكنه يضر السعودية أكثر". ووقعت تحالفات محمد بن سلمان تحت الخطر في هذه الحالة، وقرر تقديم تنازلات بناءة.
وأكد أيسايف أن السعوديين وخاصة محمد بن سلمان ألغوا منع الحجاج القطريين من أداء مناسك الحج. ويرى الخبير أن ولي العهد اتخذ خطوة أولى على طريق تطبيع العلاقات والسؤال الآن: كيف سيرد القطريون على هذه الخطوة؟ ويرى إيسايف أن الدوحة تدرك ضعف مواقف الرياض ولذلك تستطيع أن تحاول عقد صفقة من وجهة نظر الفائز. "الرياض لن تقبل هذا الموقف. بالنسبة لمحمد بن سلمان، من المهم جدا العودة إلى الوضع الراهن، ولكن أيضا للقيام بشيء يرضيه".
دور الصدر
أما في العراق، فيبدو أن السعودية تمكنت في النهاية من مطاردة إيران. والسبب في ذلك أن الرياض توجهت إلى "شخصيات صحيحة". وتحاول المملكة تعزيز مواقفها في العراق منذ زمن بعيد. "يعمل السعوديون بنشاط في كردستان العراق ولم يخفوا أنهم يمولون السلطات لمواجهة "داعش". ولكن النجاح الكبير في السياسة العراقية للرياض هي زيارة مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري".
ويرى معهد الشرق الأوسط بموسكو أن "الرياض تفهم أنه من بين الشيعة توجد آراء مختلفة تجاه تطور العلاقات مع إيران. ونشرت الاتجاهات المؤيدة لإيران في مدن كبيرة مثل بغداد. وفي هذا الوقت، لدى قبائل العراق الجنوبي توجد مشاعر أخرى حيث ممثلون عنها لا يزالون أن يتذكروا أفكار القومية العربية ويتذكرون الحرب العراقية الإيرانية أيام 1980-1988. ويمثل الصدر هذا الجزء من المجتمع العراقي على الرغم من علاقاته الوثيقة مع إيران".
ويرى المعهد أن الصدر غير سياسته خلال العامين الآخرين بشكل ملحوظ. وفي الوقت الحالي، يعرض نفسه كزعيم عراقي وليس شيعي".
ووفق معطيات رسمية، تعهد ولي العهد محمد بن سلمان خلال لقائه مع الصدر عدم التدخل في الشؤون العراقية الداخلية ومنح 10 ملايين من الدولارات لإعادة بناء العراق والمشاريع الاستثمارية المختلفة. ووفق المعطيات غير الرسمية، فالحديث دار حول دعم الصدر وطموحاته السياسية. وقال الخبير أنطون مارداسوف إن العراق حالياً يستعد للانتخابات المحلية التي ستجري في عام 2018. ويريد "الصدريون" الحصول على نتائج ملموسة. وفي حال فازوا لتحديد التأثير الإيراني، فيستطيعون الحصول على مزايا كبيرة من السعودية والإمارات".
واستخلص المقال بأن السعوديين راهنوا خلال الانتخابات السابقة على المجموعات السنية ولم ينجحوا. وفي حال تعزيز علاقاتها مع الصدرالذي سيقوم بتحديد تأثير إيران جنوب العراق، فتستطيع السعودية تعويض هزيمتها في سوريا، وهزيمتها المحتملة في اليمن. أما الأمير محمد، فسيعزز مواقفه بالسيطرة على العرش بعد وفاة الملك سلمان. بالطبع، فرص تنفيذ هذه الاستراتيجية ليست 100 بالمئة ولكنها أعلى من المغامرة القطرية ويعني ذلك أن محمد بن سلمان يتطور ويعمل على نفسه.