هذا وقد حصلت "سبوتنيك" بشكل حصري على نص المذكرة التفصيلية عن ملف المكون الكردي في سوريا والسبل المطلوبة لحله، قدمتها السيدة بروين إبراهيم للسيد بوغدانوف وموجهة إياها من خلاله إلى وزير الخارجية سيرغي لافروف.
نص المذكرة بالكامل:
مذكرة مقدمة من حزب الشباب للبناء والتغيير، حول المطالب بدور حقيقي للكرد السوريين في العملية التفاوضية المؤدية لإنتاج سوريا المستقبل.
إلـــــــــــى معالي السيد وزير خارجية جمهورية روسيا الاتحادية الموقر
تفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام
لا شك بأن ما جرى و يجري في سوريا، ورغم تدخلات بعض القوى الدولية والإقليمية التي أدت لنشوب الصراع من خلال الدعم المالي واللوجستي الذي قدمته تلك القوى، يقودنا كنتيجة إلى ضرورة حسم المعادلة السورية بحل سياسي يفضي إلى شكل جديد للنظام السياسي في سوريا، من خلال دستور يحترم كل الرغبات السورية و يقود إلى تأمين الحقوق الوطنية كاملة وبكل أشكالها لعموم المكون السوري، وهو ما تصرّح به كل الأطراف المشاركة بالحل السوري.
و المتابع للمشهد السوري، يرى معارضة هشَّة مبعثرة لا وجود شعبي حقيقي لها على الأرض، وهي سرعان ما تعرَّت داخلياً ودولياً ، ما أدى إلى انكفائها عن مسرح الأحداث بفعل انحسار الدعم الذي كانت تتلقاه من الخارج، و ظهور قوى راديكالية إسلامية بما حملته و تحمله من مخاطر مشروع لا أخلاقي ولا إنساني سيقود الكرة الأرضية إلى مزيد من الإرهاب ما اضطر العالم كل وبتعدد اصطفافاته من الوضع والنظام في سوريا، للميل والاتفاق على أولوية وضرورة محاربة قوى الإرهاب بعيداً عما طرحته قوى المعارضة تلك تجاه النظام السياسي في سورية وضرورات تغييره أو إسقاطه.
و في هذا يمكننا الاتفاق على أن الصراع في سوريا أخذ شكلاً آخراً باتجاه التوافق على محاربة الإرهاب، الأمر الذي حقق نتائجاً عسكرية على الأرض، تشاركت بها كل القوى المتناوئة وأدت إلى وضوح نهايات الصراع، و بداية أفول الإرهاب، ما يعني ضرورة الانتقال الجدي إلى مرحلة التصالح السوري البيني بحل سياسي يرضي ويحقق آمال كل الأطراف السورية.
ولا يستطيع أحد التشكيك بدور المكون الكردي السوري، وبموقفه المتوازن من المشهد السوري عموماً، وخاصة في مسألة دوره الأكيد والمنتج بمحاربة الإرهاب المتمثل بجبهة النصرة وتنظيم "داعش"، حتى يمكننا القول، بأن حزب الاتحاد الديمقراطي، قد حقق نتائج واضحة وملموسة في حماية عدد من المناطق السورية في شمال شرق سورية من محاولات متعددة للنصرة و"داعش" بالتسلل إلى تلك المناطق، وإلى دحرها وإخراجها بقوة سلاح وقوات هذا الحزب في إخراج الفصائل الإرهابية من مدن أخرى (رأس العين — عين العرب).
و بالنظر إلى حقيقة المكون الكردي السوري و القاسم المشترك لمواقفه من الحالة السورية السيادية فإننا نستطيع القول، أن المكون الكردي السوري بعمومه يقف مع الحفاظ على سورية بحالتها السيادية وضمن تحقيق المطالب التاريخية لعموم المكون السوري وخاصة الكرد ولكن باختلاف آليات تحقيق تلك المطالب:
— الشارع الكردي أو الموقف المجتمعي الكردي، وهو موقف بحقيقة الأمر لا يزال و منذ بداية الأزمة يبحث عن ولاء واحد فقط ، للحالة التعايشية التاريحية بينه وبين باقي المكون السوري، وبعيداً عن البحث عن أسباب التصارع التي تحاول أغلب أطراف المعادلة السورية إلى سوق السوريين إليها.
— موقف حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي حقق انتصارات فعلية على الأرض، وهي انتصارات تخدم الحالة السورية والدولية والاقليمية في فعلها بمجابهة الإرهاب، وبالتالي فإن هذا الحزب وبفعل تواجده الواقعي على مساحة كبيرة من الشمال والشمال الشرقي السوري وخاصة بعد معركة الرقة ولاحقاً ديرالزور وقبلهما الحسكة وحلب، يبحث عن ضمانات قانونية دستورية مؤكَّدة دولياً وأممياً، لتأمين التطلعات الكردية الوطنية و حق الكرد وباقي المكونات بالتشارك بصياغة مستقبل سوريا، الأمر الذي لم تستجب له كلياً السلطة السورية بالجلوس إلى طاولة حوار أو تفاوض بينها وبين المكونات الأخرى، للخروج بحلول توفيقية تحقق التطلعات السورية بكل المكون السوري وخاصة منهم الكرد.
فالسلطة في سورية ووفق وجهة نظر حزب الاتحاد الديمقراطي وواقع ما حدث ويحدث، لم تقم حساباً للدور الذي قامت به طلائع هذا الحزب في دحر الإرهاب و اجباره على الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها لفترة من الزمن، بل على العكس راحت بعض قوى السلطة تكيل التهم لحزب الاتحاد الديمقراطي و تنعنته بالحزب الانفصالي و تنعت الكرد السوريين بذلك أيضاً، لمجرد أنه طرح مشروعاً يعتبره السياق الوطني الطبيعي لتحقيق حالة سورية سياسية و شعبية تعايشية تؤمن حق الجميع بحياة تشاركية.
فحزب الاتحاد الديمقراطي، طرح مشروعاً سياسياً، يرى فيه الحل، وهو كسواه من أطراف المعادلة السورية المناصرة للنظام، يبحث عن مصالحه، بفارق أنه من داخل البيت والجسد السوري، و بالتالي فإنه مشروعه السياسي بحاجة إلى الحوار به و عليه مع السلطة ومع باقي القوى السورية المعنية بنتائج الحل السياسي السوري.
طبعاً، المشروع لا يجوز بحال، تسميته محاولات انفصالية طالما أنه لم يتجسد على الأرض إلا بإجراءات الغاية منها ممارسة الإدارة الذاتية للمناطق التي حررها أو حماها الحزب وقواته العسكرية المتشكلة أساساً من عموم السوريين، وهو بموضوع الإدارة الذاتية لم يخرج عن مألوف ما حدث ويحدث في مواقع ومناطق كثيرة من المساحة السورية والتي تأمنت لها ادرات ذاتية من سكانها وأهلها بالجانبين الموالي والمعارض بعد جملة المصالحات الوطنية التي حدثت وبموافقة ومباركة النظام وحلفاءه ، وليس أدل على ذلك مما سمي بالمناطق المنخفضة التوتر التي تم الاتفاق عليها بين القوى المتعادية السورية إثر انعقاد مؤتمر الأستانا، فلماذا يُمنع الاتحاد الديمقراطي، من طرح مبادرة إدارة مناطق تواجده وبقوى تمثل كل المكون السوري الكردي وغير الكردي، وبذات الوقت يرفض النظام الجلوس للحوار بالمشروع الذي طرحه الحزب لمستقبل تلك المناطق ضمن الحالة السيادية السورية.
في الواقع، فإن الأكراد و خاصة بمحافظة الحسكة، باتوا يشعرون بأن هناك محاولات وسياسات تمارس، للالتفاف على مطالبهم إرضاءً لبعض القوى الاقليمية (خاصة تركيا) التي كانت بالبارحة و لا تزال من القوى المعادية للنظام والتي ينظر إليها النظام ذاته كقوى داعمة للإرهاب الطامعة بتحقيق مشروع إقليمي جيوسياسي في سوريا يخدم تطلعاتها التاريخية و يشكل أداة ضغط تجاه الكرد السوريين و تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي.
كما بدأت المعادلة التحالفية، التي تقيمها بعض أطراف السلطة في سورية، تأخذ أشكالا سياسية تقود إلى التصعيد بين مكونات سكان محافظة الحسكة وباتت كل أطراف المكون السوري في الحسكة يشعرون بالقلق الشديد اتجاه مستقبل التعايش بينهم وبين المكون الكردي الأمر، الذي يشعر به ويخافه المكون الشعبي الكردي أيضا.
و بالنتيجة، فإننا نرى أن الحل الوطني للأزمة السورية، لن يتجسد نهائياً بمجرد انتصار الإرادة الشعبية السورية أو الجيش السوري وحلفاءه أو حتى الأطراف الدولية الأخرى، على فلول الإرهاب، بل على العكس تماماً فإن هذا الانتصار يقود لجملة من الاستحقاقات السياسية والقانونية الداخلية لضمان إنتاج سورية وطن كل أبناءها، وفي هذا لا يجوز أن تتعامل السلطة أو الأطراف مجتمعة، مع حقوق مكون وطني سوري أياً كان، على أنه مجرد ورقة سياسية ينتهي مفعولها بأمد زمني يضعه أي طرف، لأن ذلك مرفوض وسيقود إلى تصارعات ربما امتدت إلى مساحات خارج الحدود السورية وأخذت المنطقة إلى حروب لن يجدي أي تعامل معها لوقفها وهي بحينها ستقسِّم سوريا فعلياً، ما يستدعي وقفة دولية وأممية ومن جميع الأطراف المتباينة المواقف، لإشراك الكرد السوريين وكل المكون الآخر في عملية التفاوض ورسم مستقبل سوريا وبشكل فعلي وعبر ممثلين حقيقيين وليس مجرد كومبارسات سياسية ملقنة من هذا الطرف أو ذاك.
إننا في حزب الشباب للبناء والتغيير، وبحكم سوريتنا، وبحكم كوني كأمين عام انتمي إلى المكون السوري الكردي، نؤكد على موقفنا من قدسية التراب السوري والحالة السيادية لعموم الوطن السوري على كامل ترابه التاريخي، لكننا وبالوقت ذاته نؤكد على أن الاستحقاقات السورية السياسية والسيادية والقانونية القادمة، لن يتم حلها بما يخدم عموم الشعب السوري، ما لم يتم تمثيل كل المكون السوري وخاصة الكردي في العملية التفاوضية لرسم مستقبل سوريا وطن لكل أبناءها.
لذا فإننا، نهيب بكل القوى الدولية والأممية، السعي لفرض هذا التمثيل وبضمانات مستقبلية تحقق واقعية تنفيذ الحلول التي تتفق عليها مختلف أطراف المعادلة السورية و لكل السوريين، و إلا نعتقد بأن ما سيجري سيشكل مخاطراً لن تكون أقل مما حدث، بل ستتعداه إن بالفعل أو بالآثار على الأرض.
وشكراً
بروين إبراهيم
أمين عام حزب الشباب للبناء والتغيير