ولفت الكاتب السوري إلى أن الجديد أيضا هو أن هناك شعورا عاما ضمنيا بأن عملية جنيف قد شاخت، وأن الوقائع على الأرض قد تجاوزتها، وأن هناك عملية موازية، في سوتشي، آخذة في الصعود، وهي تشق طريقها بقوة على قاعدة ملء الفجوات المزمنة التي لم يستطع جنيف ردمها، وذلك بفعل تضارب الأجندات الخارجية أولا، وعجز معسكر الحرب على سوريا من فرض معطيات ميدانية يعتد بها ثانيا، وأخيرا بفعل شبح معارضة لا جذور وطنية لها، مستجلبة ومتبدلة وهلامية، بنية وأهدافا، على وقع تحول الاستهدافات الخليجية والغربية وغيرها تجاه سوريا والمنطقة العربية، على حد وصف الكاتب.
وأضاف هاشم:
تشي بذلك حقيقة أن معسكر الحرب ذاته بات يتحسس المأزق، وأنه لم يعد يستشف في جنيف إلا مسارا يعيش حالة موت سريري، وأنه لا بد من توفير بديل مناسب له قبل الإعلان عن موته رسميا، على أن يؤدي مثل هذا البديل الوظيفة نفسها.
وتابع قائلا: يشي بذلك أيضا واقع أن هؤلاء يتصرفون على خلفية أن المعركة الميدانية حسمت، وأنه لا مناص من الاعتراف بهذه الحقيقة، وأن المرحلة بالتالي هي للإرهاب السياسي والاقتصادي، الذي يتعين عليه أن يعوض سقوط الرهانات العسكرية للسنوات السبع الماضية، على حد قول الكاتب.
وهكذا تتلاعب واشنطن وباريس ولندن بملف الأسلحة الكيماوية، في محاولة لتحويله إلى استنزاف أخلاقي وسياسي لـ"نظام" بات منتصرا، وهكذا أيضا يوقع السعوديون والإماراتيون شيكات إعادة الإعمار في الجزيرة السورية، ويفتح الأتراك معابر جديدة لتسهيل حركة التجارة شمالا، وتبرم التحالفات بين "قسد" و"داعش"، برعاية أمريكية مباشرة، لإقامة هيئات حكم محلية، على أمل أن يشكل ذلك ورقة ضغط في أية "مفاوضات" مستقبلية مفترضة.
وأكد هاشم أن معسكر الحرب يجد نفسه محشورا في الزاوية الضيقة، فانعكاسات هزيمة الإرهاب لابد ستنسحب على عمليته السياسية: "جنيف"، بعلياء اسمها — إن كان لها أن تسمى "عملية" — وبابتزازتها وسقوفها واشتراطاتها ومرجعياتها القانونية غير العادلة، والأهم بحربائية مبعوثها الدولي وحسه التآمري ومناوراته المكشوفة فوق وتحت الطاولة.
وأكد الكاتب أنه ورغم أن الروس يحرصون دوريا على طمأنة "الشركاء" بأن مسار سوتشي سوف يبقى مسارا موازيا وداعما، وأن أحدا لا يفكر بأن يجعل منه بديلا مفترضا.
وختم بالقول:
فالشرق الأوسط لن يكون البلقان، وسوريا لن تكون يوغوسلافيا السابقة. وهنا وطن وليس فسيفساء متعايشة، وهنا شعب أعادت شراسة الحرب وضرواتها صقل شخصيته الحضارية، وأمدته بزخم إضافي، ليكون رائدا في مرحلة تاريخية جديدة مشرعة على قيم العدالة الدولية والتحرر والسيادة.
سوريا لا تخرج منتصرة وحسب، هي تشق مسارا مختلفا لعالم مختلف في السياسة الدولية.