وتجري الإدارة محادثات بشأن توفير التكنولوجيا النووية للمملكة العربية السعودية، وهي خطوة يرى منتقدوها من ساسة واشنطن أنها تحول خطير في السياسة الأمريكية، وتؤدي إلى سباق تسلح شرس فى الشرق الأوسط.
وتريد الحكومة السعودية الحصول على الطاقة النووية لأغراض سلمية، لكن المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين يشتبهون في أن قادة المملكة العربية يريدون أيضا مواكبة قدرات تخصيب عدوهم اللدود، إيران.
وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني، كشف كريستوفر فورد، كبير مديري مجلس الأمن القومي لمكافحة أسلحة الدمار الشامل، أن الولايات المتحدة تناقش هذه المسألة مع الحكومة السعودية، واصفًا الضمانات بأنها "أمر مرغوب" لكنه لم تلتزم بها.
ويثير التخلي عن الضمانات مخاوف المعارضين في الكونغرس، وقد يؤدي إلى مواجهة معهم، وقال أحد كبار مساعدي الكونغرس الديموقراطيين: "يمكن أن تكون هذه الحرب جحيما".
ولا يعتقد كثير من المسؤولين الأمريكيين أن هذه الفكرة تصب في المصلحة الوطنية، لكن لها مؤيدين يدافعون عنها مثل المستشارين مايكل فلين وتوم باراك.
السعوديون لديهم سبب شرعي للحصول على طاقة نووية: الطلب المحلي على الطاقة ينمو بسرعة، وحرق النفط الخام وسيلة مكلفة وغير فعالة لتوليد الكهرباء، لكن هناك أيضا دافعًا سياسيًا واضحًا، بحسب ما يراه كثير من الخبراء الذين يلفتون إلى "أن السعوديين لا يحاولون حاليا تطوير قنبلة نووية ولكنهم يريدون وضع الأساس للقيام بذلك في حال طورتها إيران.
"هناك سؤال: لماذا تريد أن تمتلك مفاعلًا نوويًا في الخليج الفارسي؟" يتساءل أنطوني كوردسمان، خبير الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قبل أن يجيب: "لأنك تريد الحصول على نوع من القدرة النووية الطارئة".
وتختلف تكنولوجيا الأسلحة النووية عن التكنولوجيا المستخدمة في الطاقة النووية، ولكن هناك بعض التداخل، إذ يمكن استخدام الوقود لمحطة لتوليد القنبلة إذا تم تطويرها إلى مستوى أعلى بكثير، كما يمكن إعادة معالجة النفايات الناتجة عن محطة توليد الكهرباء إلى مواد ذات أسلحة، وهذا يفسر مخاوف خبراء منع انتشار الأسلحة النووية.
وفي عام 2008، قدمت الحكومة السعودية التزاما بعدم متابعة التخصيب وإعادة المعالجة. ثم دخلوا المفاوضات مع الولايات المتحدة لاتفاق حول التعاون النووي السلمي، والمعروف باسم اتفاق 123، بعد جزء من قانون الطاقة الذرية لعام 1954، وهو شرط أساسي للحصول على التكنولوجيا الأمريكية.
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إن المحادثات توقفت بعد بضع سنوات لأن الحكومة السعودية تخلت عن تعهدها بعدم مواصلة التخصيب وإعادة المعالجة، وقال ماكس بيرغمان، المساعد الخاص السابق لوكيل وزارة الدولة لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولي في وقت حدوث تلك المفاوضات: "إنهم لم يلتزموا، وكان هذه نقطة شائكة".
ويخشى المسؤولون الأمريكيون من "تأثير الدومينو"، إذ قد يؤدي ذلك إلى تصدير تلك التكنولوجيا الخطيرة لدول أخرى في الشرق الاوسط. وقال مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية: "إذا قبلنا ذلك من السعوديين فإن أحدًا لن يعطينا التزاما قانونيًا".
وقال جاريد كوشنر، صهر الرئيس وكبير مساعديه المكلف بإدارة ملف السلام فى الشرق الأوسط، خلال مناقشات في مايو، إنه يريد طرح المسألة النووية بإجراءات أبسط، لبناء التحالف مع السعوديين، بحسب شخص مطلع.
وذكر التقرير أن مسؤولا بالخارجية الأمريكية توجه إلى الرياض قبل أسابيع لاستئناف المفاوضات الرسمية، بحسب أحد المصادر. وتنظم إدارة التجارة الدولية بوزارة التجارة ووزارة الطاقة زيارة أخرى في ديسمبر المقبل للاجتماع مع المسؤولين السعوديين.
وقال مساعد وزير الطاقة النووية إدوارد ماكجينيس إن الإدارة تريد تنشيط صناعة الطاقة النووية الأمريكية بما فى ذلك من خلال متابعة الصادرات إلى السعودية، لكن إدارة ترامب لم تحسم موقفها بشأن ما إذا كانت ستسمح للسعوديين بتخصيب اليورانيوم وتكنولوجيا إعادة المعالجة.
وقال مسؤول مطلع إن مسؤولين في الإدارة بدأوا في استدعاء مستشارين، لبحث رد الكونغرس على اتفاق يمنح السعوديين إمكانية التخصيب وإعادة المعالجة.
وفي جلسة 28 نوفمبر التي عقدت أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قال فورد، مسؤول حظر الانتشار النووي التابع لمجلس الأمن القومي إن المحادثات الأولية مع السعوديين جارية".
وجدير بالذكر أن أي اتفاق مع المملكة العربية السعودية، لن يتطلب موافقة مجلس الشيوخ. ومع ذلك، في حالة التوصل إلى اتفاق، يمكن للكونغرس أن يقتل الصفقة، وسيحصل المجلسان على 90 يوما لتمرير قرار مشترك يرفضه.