وقالت: أنا هنا أحاول فقط أن أخط بالحبر الأسود على الصفحة البيضاء المسكينة، التي تتقبل حروفي البالية والمتهالكة دون شكوى أو تذمر، وأنا أرقب معرض الكتاب المقام حاليا في أرض المعارض، ورغم امتلاء القاعة بدور النشر الكثيرة، والتي لا يمكن حصر أسمائها، إلا أن هناك أسماء كثيرة افتقدناها في هذا المعرض هذا العام، إنها دور نشر ومكتبات لها مكانتها الثقافية الكبيرة في الدول المقاطعة لنا، ولها إصداراتها المتميزة والغنية بالكثير من الثقافات العربية والأجنبية والمترجمة.
وأضافت:
مع كل ذلك، وتلك المقاطعة والحصار الذي امتد إلى الثقافة والنشر، والكتابة والقراءة… لا يزال العرض مستمرا، وآلات الطباعة تدور وتخرج الأوراق المطبوعة بشتى النكهات الثقافية، لشتى الأمزجة، وشتى الطلبات التي تتوقف بين كل رف وآخر متطلعة وباحثة دون تردد، ودون توقف… الجميل في الأمر، أننا لم نتوقف عن القراءة، ولم نتوقف عن الكتابة، رغم الحصار المفروض على الحدود، والعلاقات بكل أنواعها وأشكالها.
وأردفت الكاتبة قائلة: لم نتوقف حقا، لأن ذلك الحصار هو شيء خارجي بالنسبة لنا، نعم، لقد أثر في العلاقات، وفي الاقتصاد، وفي السياسة، وغيرها، إلا أنه لم يؤثر في أفكارنا وعطاءاتنا.. ولم تجف أقلامنا بعد، ولم تتحجر أفكارنا مع تحجر الافتراءات والاتهامات الباطلة، بل إنه أضاف إلينا دفقا من الطاقة، وأمدنا بمفردات جديدة، لم تكن ضمن قاموسنا اللغوي سابقا.. ومنحنا الكثير من الوقت، لنفتح محابرنا المغلقة، ونسير ريشنا المغموسة بالحبر والأفكار المنددة، على مرأى ومسمع العالم أجمع. على حد وصف العوضي.
واعتبرت الكاتبة أنه لم نكن لننغمس في التفكير، فقد حظينا بأفكار طويلة الأمد، ما زالت قابلة للاستخدام، موجودة ضمن مخازن مفرداتنا، وضمن حبنا الكبير لأرضنا الغالية.
فقد أوضح الحصار لنا الصور السلبية، والتي كانت مخفية في رفوف وأدراج تلك الدول المحاصرة، وأوضح لنا الفرق بين الحق والباطل، وبين الحب الحقيقي، والحب المغشوش، بين المصداقية والخيانة. الكتابة في هذا الزمن الحديث، وفي هذه الأزمة التي ما كنا نصدق يوما أنها ستقع علينا، وعلى بلادنا، وعلى شعبنا ومواطنينا. أصبحت حبرا لا يمحى، وسطورا لا يمكن إلغاؤها من بين سجلات التاريخ الحديث.