وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، أن السعودية أجبرت الحريري على الاستقالة في محاولة جريئة منها لكبح جماح إيران، غير أن الأمور سارت بعد ذلك على العكس مما كانت تتوقعه المملكة.
وقال المصدر للوكالة الفرنسية، إنه بعد مرور سنةٍ على رئاسة الحريري للحكومة التي تضم وزراء حزب الله، وجد السعوديون أن نفوذ حزب الله يتزايد، ما أثار غضبهم فهددوا بالتراجع عن الدعم المالي.
وأضاف أن "الرياض هددت الحريري بطرد أكثر من 160 ألف لبناني يعملون في دول الخليج، وبالضغط على المستثمرين الخليجيين لسحب استثماراتهم من لبنان، فوجد الحريري نفسه أمام وضع كارثي على الاقتصاد اللبناني، فاضطر إلى كتابة صياغة خطاب الاستقالة بطريقة اعتقد أنها ترضي السعودية".
وذكر المصدر القريب من رئيس الوزراء اللبناني أنه "لم يكن سجينًا بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنهم قالوا له: إذا عدت إلى لبنان نعتبرك مثل حزب الله، ونعتبر حكومتك عدوة وسنعاقب لبنان مثلما عاقبنا قطر"، في إشارة إلى الحصار البري والبحري والجوي الذي فرضته السعودية على قطر منذ شهور.
وقال المصدر إن ولي العهد السعودي ليس متمسكًا بالحريري، فهو أمير عَجُول دائمًا ولا يتعامل بشكل عاطفي مع الأمور ولا مع لبنان، وبيروت ليست أهم من الرياض بالنسبة له".
وقال الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار، إن خطة الرياض تراجعت بشكل مذهل، فقد أراد السعودية إرسال رسالة تؤكد إصرارها على مواجهة الاختراق الإيراني للشرق، لكن النتيجة كانت عكسية".
وبعد استقالته من منصبه، قضى الحريرى أسبوعين فى الرياض وسط تكهنات بأنه كان محتجزا لدى السلطات السعودية، وفي نهاية المطاف، عاد إلى بيروت بعد تدخل فرنسا، وعلق استقالته، ثم تراجع عنها بعد مشاورات مع منافسيه السياسيين.
وتوقع الباحث أن تستمر الرياض في مطالبة حزب الله بسحب قواته من اليمن، مضيفًا: "السعوديون لم يقولوا كلمتهم الأخيرة بعد، إنهم يريدون أكثر من مجرد تنازلات شكلية، بل إنهم ما زالوا عازمون على قص أجنحة إيران في المنطقة".
وقال بيطار "حتى حلفاء الرياض المقربين في لبنان يخشون أن تعنت المملكة سيكلف الاقتصاد اللبناني ثمنًا باهظا دون أن يضعف حزب الله كثيرا".
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، حذر الأسبوع الماضي من أنه "لن يكون هناك سلام في لبنان طالما بقي حزب الله مسلحا".
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي للوكالة الفرنسية إن "ولي العهد السعودي أدرك أنه ذهب بعيدًا جدًا، وأن العملية أدت إلى ارتفاع شعبية الحريري".
وقال مصدر غربي آخر للوكالة إن "الرياض لا تزال مترددة جدًا في دعم الحريري الذي عاد ليقود حكومة تضم حزب الله، فقد اعتقدوا أنه سيكون قادرا على مواجهة حزب الله، لكن حدث العكس".
ولا تزال هناك أسئلة حول ما ستكون عليه الخطوة السعودية المقبلة في لبنان. لكن بيطار يقول إنه لو مضت السعودية في سياستها التصعيدية فإنه لن يتمكن أحد من إنقاذ لبنان، لا فرنسا ولا أوروبا".