وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قالت في تقرير نشرته الإثنين، إن "السعودية تسعى لتسليح مليشيات في المخيمات الفلسطينية لمواجهة حزب الله، بهدف زيادة النفوذ السعودي مقابل ضرب النفوذ الإيراني في لبنان"، وزعمت أن مسؤولين لبنانيين وغربيين أبدوا قلقهم من زعزعة استقرار مخيمات اللاجئين وتشكيل المليشيات فيها أو خارجها، في حين قال مسؤول سعودي إن السعودية لم تبحث مثل هذا الأمر أبدًا.
وقالت المصادر لـ"رأي اليوم"، إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، فاتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء زيارته للرياض الشهر الماضي، بوجود رغبةٍ سعودية في حشد الفلسطينيين في الخندق المقابل لحزب الله، معربا عن رغبة المملكة في تمويل أي توجّه في هذا الإطار.
وفي تأكيد لما نشرته "نيويورك تايمز"، قالت المصادر إن "ابن سلمان تمنى على الرئيس عباس، وحركة "فتح" مساعدة المملكة في هذا التوجّه، لكن عباس لم يعط جوابا شافيا على المطلب السعوديّ، ووعد بمناقشة المسألة مع القيادة الفلسطينيّة بَعد عودته إلى "رام الله"، وكان الرّد تَهرّبًا، ومُحاولةً لكسب الوقت، وعدم إحراج مضيفيه السّعوديين".
وكانت "نيويورك تايمز" ذكرت أن ولي العهد طلب من عباس في ذلك الوقت أن يبذل جهوده لضم فلسطينيي لبنان إلى المعسكر الموالي للسعودية، والابتعاد عن المعسكر الموالي لإيران الذي يقوده "حزب الله"، وإن هو لم يفعل ذلك فإن هناك من يستطيع، مشيرا إلى القيادي الفتحاوي المعارض محمد دحلان، وفقا لما ذكره المسؤولون.
وذكرت "رأي اليوم" أن الأنباء القادمة من بيروت تتحدث عن أنشطة متزايدة يقوم بها بعض المحسوبين على جماعات "أصولية" لبنانية طائفية داخل المخيمات الفلسطينية للتحريض ضد "حزب الله"، وتتحدّث عن الخطر الإيراني الزاحف إلى المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية وصفتها بالخبيرة في شؤون المخيمات الفلسطينية، أنه "من غير المستبعد أن يحاول حلفاء السعودية في أوساط الأحزاب اللبنانيّة ذات الطابع السني الطائفي، استغلال ظروف المخيمات المعيشية المتدهورة، وتوظيفها في خدمة الانقسامات الطائفيّة، خصوصًا أن هناك بعض الدعاة في أوساط المخيمات تأثروا بالأزمة السورية وإفرازاتها الطائفيّة، وناصبوا إيران و"حزب الله" العداء، ولكن تأثير هؤلاء ما زال محدودًا".
وأشارت الصحيفة إلى أن اقتراب الأزمة السورية من نهايتها، واستيعاب الفصائل والقيادات الفلسطينية لدروسها، وتجنب تكرار الأخطاء التي ترتكبها بعضها، بالانحياز إلى فصائل المعارضة السورية المدعومة أمريكيا وخليجيا من منطلقات طائفية أحيانا، ربما تجعل فرص نجاح المخطّط السعودي، إذا تأكّد، مَحدودة للغاية، إن لم تكن معدومة، خصوصًا بعد حدوث انقسام في "تيار المستقبل" بزعامة سعد الحريري، وعودته عن استقالته، ونأيه بنفسه عن المشروع السعودي في لبنان في تفجير الأوضاع، وإشعال فتيل حرب مع "حزب الله".
وذكرت الصحيفة أن لحركة "حماس" نفوذًا قويًا متزايدا داخل المُخيّمات الفلسطينية، ولعل انفتاح قيادتها الحاليّة على إيران و"حزب الله"، وإعادة العَلاقة معهما إلى الحالة التحالفيّة التي كانت عليها قبل أحداث سوريا، قد يجعل الحركة تقف سدًا للحيلولة دون حدوث ذلك المخطط السعودي.
وتبلغ أعداد الفلسطينيين في لبنان، 174 ألفًا، وفق إحصائيات رسمية، وجميعهم من الطائفة السنيّة، لكنّ نسبة كبيرة منهم لا تنحاز طائفيًا، بل تميل إلى الاعتدال والحياد، خصوصًا تلك التي تنتمي إلى الجبهة الشعبية، وحركة "فتح"، بحسب الصحيفة.