انطلقت الاحتجاجات وبدأت المعارضة السودانية تحركها بجانب عفوية المواطن نتيجة الضغوط المعيشية، أحدثت تلك التظاهرات زخما كبيرا في الحياة السياسية ودفعت الحكومة وحزب المؤتمر الحاكم إلى التفكير في تلك السياسات من جديد، حتى لا يفقد قاعدته الشعبية لصالح المعارضة، فأعلنت الحكومة عن إجراءات لمنع تفاقم الأزمات، وردت المعارضة بأن الحكومة تعيش أزمة حقيقية، وهى في أشد الاحتياج لمن ينتشلها من هذا الوحل، فكيف سيكون لها قدرة على معالجة الأزمات المتتالية و المتصاعدة والتي يعاني منها المواطن السوداني منذ سنوات.
حول تطورات الأوضاع على الأرض السودانية أجرت "سبوتنيك" عدد من المقابلات مع أطراف سودانية للتعرف على طبيعة الأوضاع الحالية.
الحراك مختلف هذه المرة
قال عبد المتعال صابون، أحد قادة الحراك في الشارع السوداني لـ"سبوتنيك"، أن التظاهرات الحالية هي إضافة للمطالبات السابقة والحراك العام في السودان منذ سنوات، وقد تعاملت معها الحكومة بشكل بعيد عن كل أشكال الديموقراطية.
وتابع صابون: "الاحتجاجات بدأت في مدينة "سنار" بالتحديد، وكان في طليعتها طلاب المدارس والجامعات وانضم لها المواطنون، وبدأت في الانتقال إلى الجنينة، وكانت كثيفة جداً، كما خرج بالأمس طلاب جامعة كسلا على الحدود مع إريتريا واليوم بجامعة الخرطوم والمناطق التابعة للعاصمة".
ولفت صابون، إلى أن هناك تجاهل من جانب الإعلام المحلي والدولي، حيث يراهن البعض على خفوت حدة التظاهرات، وهذا غير منطقي لأن الأسباب التي قامت من أجلها باقية، بل وتزداد حدتها يوماً بعد يوم، من زيادة في الأسعار وغلاء في المعيشة وغيرها من مقومات الحياة.
وأكد صابون على أن الأحداث الأخيرة مختلفه تماماً عن الوقت السابق، وليس هناك حديث للناس سوى الغلاء والأسعار، واعتقال عدد من قيادات الأحزاب السودانية وطلاب الجامعات.
مبررات حكومية غير مقنعة
وفي السياق ذاته، أكد مدثر خميس، أحد مؤسسي الحزب الليبرالي السوداني لـ"سبوتنيك"، على تواصل المظاهرات في عدد كبير من المدن والجامعات السودانية بما فيها جامعة الخرطوم، وزادت حدتها بعد سقوط مواطن في شمال دارفور، وما زالت تعم التظاهرات كل المدن، وسوف تستمر لأن المبررات الحكومية لم تستطع إقناع الشعب بحل أزماته، ولأن الحكومة لديها أزمة كبيرة تحتاج من يقوم بحلها.
وتابع خميس: "هناك تذمر داخل عدد كبير من الكتل السياسية بعد إعلان البشير ترشحه لفترة رئاسة خامسة، لذا فإن شعارات التظاهرات ارتفعت من العيش والحرية إلى المطالبة باسقاط النظام"، على حد قوله.
وعلى الجانب الآخر، قال محمد حسن الأمين، رئيس اللجنة السياسية في هيئة المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان لـ "سبوتنيك"، أن التظاهرات تعبير سلمي نتيجة الزيادات في أسعار الخبز وهذا حق لكل مواطن، لكن إذا تخطت ذلك ولم تكن منظمة وفق الإجراءات القانونية والتي يجب أن تتم عبر الأجهزة المختصة، وأخذت التظاهرات غير هذه الطرق تكون قد خالفت النظم وخرجت عن إطار التعبير السلمي، وهنا يتم التعامل معها عن طريق الأجهزة الأمنية.
وتابع رئيس اللجنة السياسية، بأنه تم التعامل من جانب الشرطة مع المتظاهرين في هذا الإطار، مؤكداً أن السبب الرئيسي لتلك التظاهرات كان عملية ارتفاع الأسعار، والأوضاع الآن هادئة في معظم المحافظات وما يتم ترديده من زيادة واستمرارية التظاهرات وصولاً لثورة شعبية أو ثورة جياع كما يطلقون عليها، هو أحلام في خيالات المعارضة.
وأشارالأمين، إلى أن الكثير من قيادات المؤتمر الوطني غير راضين عن بعض السياسات الاقتصادية، ونحن نعتبرها تحذيرا شديدا، وهناك مراجعات دائمة للسياسات التي يتضح عدم ملائمتها للواقع، من أجل خلق واقع أفضل للمواطن السوداني فتلك السياسات ليست مقدسة.
تقرير/ أحمد عبد الوهاب