ومن المتوقع أن يجري تيلرسون، محادثات مع الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ووزير الخارجية جبران باسيل، على أن يعقد مؤتمراً صحافياً في السراي الحكومي، في ختام زيارته التي تستمر بضعة ساعات.
وأرجأت الحكومة اللبنانية موعد انعقاد جلستها الأسبوعية، حتى مساء اليوم، لكي يتسنّى لرئيسها إطلاع الوزراء على نتائج زيارة الوزير الأميركي، خصوصاً أن جدول الأعمال يتضمن نقاشاً بشأن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان، والاعتداءات المتصاعدة على سيادته.
واستبق تيلرسون، زيارته للبنان بسلسلة مواقف، ضمن جولته الإقليمية، أكد خلالها أن "الولايات المتحدة ستستمر في لعِب دور يقوّي حكومة مستقلّة في لبنان"، مطالباً إيران "بسحب قواتها" من سوريا ولبنان واليمن والعراق، معتبراً أن "وجودها في تلك البلدان يشكّل عاملاً لعدم الاستقرار".
وفي موقف لافت، قال الوزير الأميركي، إنه "يجب الاعتراف بالحقيقة القائلة إن حزب الله هو جزء من العملية السياسية في لبنان".
وبحسب ما قالت مصادر دبلوماسية وسياسية لبنانية متقاطعة لـ"سبوتنيك"، فإنّ محادثات تيلرسون، في لبنان تشمل بشكل عام شقين، الأول إقليمي ويتضمن "شرح خلفيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، حيث من المتوقع ان يعيد التأكيد على المسؤولين اللبنانيين ما سبق أن قاله خلاله محادثاته في مصر، ومفاده أن القرار لا يلغي حل الدولتين"، بالإضافة إلى قضايا أخرى مرتبطة بـ" مكافحة الإرهاب"، ودور الولايات المتحدة في دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في هذا الإطار.
وأما الشق الثاني، بحسب ما تقول المصادر، فيتعلق بالقضايا الخاصة بلبنان، ومن بينها قضية العقوبات على "حزب الله"، والتي كانت موضع حراك سياسي أميركي خلال الفترة الماضية، تمثلت في زيارات عدّة قام بها مسؤولون أميركيون إلى لبنان، ومن بينهم وزير الخزانة، إلى جانب التشديد على ضرورة وقف التوتر بين لبنان وإسرائيل، بعد التطورات الأخيرة التي طرأت على هذا الملف.
وفي المقابل، تقول المصادر المتابعة للزيارة إنّ الجانب اللبناني سيطرح أمام تيلرسون، "الموقف الموحّد" تجاه ما تقوم به إسرائيل، سواء لجهة التهديدات التي أطلقتها على لسان وزير دفاعها افيغدور ليبرمان بشأن الحقول النفطية في المياه الإقليمية اللبنانية، أو لجهة استمرارها في محاولة تغيير الوقائع على الأرض، من خلال الجدار الإسمنتي الذي بدأت بتشييده عند الخط الأزرق المختلف عليه بين الجانبين عند الحدود.
وكان هذا الملف موضع نقاش بين المسؤولين اللبنانيين ومساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، الأسبوع الماضي، مع العلم بأن الأخير يرافق تيلرسون في زيارته للبنان.
وبحسب ما رشح من معلومات عن اللقاءات التي أجراها المسؤول الأميركي، والتي يفترض أن تخيّم على جدول أعمال محادثات تيلرسون، فإنّ الجانب الأميركي عرض اقتراحاً بشأن الخط البحري، ويتمثل في العودة إلى الحدود التي اقترحها المنسق الأميركي السابق الخاص بشؤون الشرق الأوسط فريدريك هوف، والذي بات يعرف إعلامياً باسم "خط هوف".
وكان لبنان أبدى رفضه القاطع لهذا الاقتراح، الذي يقتطع 40 في المئة من الرقعة النفطية رقم 9 (حوالي 860 كيلومتر مربع)، التي جرى تلزيم ثلاث شركات – روسية وفرنسية وايطالية – بأعمال التنقيب والحفر فيها، الأسبوع الماضي.
وكان الرؤساء الثلاثة في لبنان قد استبقوا زيارة تيلرسون، بعقد اجتماع طارئ، تضمن نقاشاً مفصلاً بشأن الوضع عند الحدود، وخلص إلى موقف موحد يفترض أن يبلّغ للوزير الأميركي.
وبحسب مصادر مواكبة للاتصالات الجارية، فإنّ الرؤساء الثلاثة حددوا الموقف اللبناني "الحاسم" برفض أي تعديلات قد تفضي إلى المس بالسيادة اللبنانية على الحدود البحرية، وبالتالي رفض ما يسمّى بـ"خط هوف"، إلى جانب الرفض القاطع للجدار الإسمنتي الذي تقيمه إسرائيل عند الحدود الجنوبية، باعتباره محاولة لتكريس "الخط الازرق" الذي رسمته الأمم المتحدة كخط حدودي مؤقت بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000، بديلاً عن خط الهدنة الحدودي، الذي يعتبر من الناحية العملية الخط الدولي للحدود.