أما الوضع في الجزائر فبقي على حاله، في ظل بقاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه في السلطة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المغرب التي لا مايزال يحكمها الملك محمد السادس.
ولفت الكاتب قاسم إلى أن شعوب هذه الدول أملت بتحسن الظروف الاقتصادية فيها، لكنها لم تصل إلى مبتغاها، وماتزال تتخبط وتعيش حالة من التردي الاقتصادي والفقر والبطالة والتضخم المالي.
وتطرق هاني قاسم في مقاله إلى جملة من الأسباب والعوامل التي تتسبب بهذا التردي الاقتصادي والفقر وغيرهما من المشاكل الاجماعية.
معتبرا أن أولى هذه الأسباب هي عدم قدرة الرؤساء على متابعة شؤون البلاد، بسبب تردي أوضاعهم الصحية، وهو ما أشار إليه تقرير برلماني فرنسي بأنه "ساهم في حالة التردي الاقتصادي وحالة البطالة التي تسود البلاد"، وخير شاهد على ذلك ما تعرض له الرئيس الجزائري بوتفليقة من التهاب رئوي حاد، واضطراره إلى إلغاء الزيارة المقررة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
إضافة إلى ضعف التنسيق الاقتصادي بين دول الاتحاد المغاربي، فلكل من المغرب والجزائر وتونس علاقات اقتصادية منفصلة مع الدول الأوروبية.
كما أن هناك انكماش اقتصادي في أوروبا، وتأثيره على حجم التبادلات التجارية مع دول المغرب.
وتحدث الكاتب اللبناني أيضا عن البرودة في العلاقات السياسية الجزائرية — المغربية نتيجة المشكلة القديمة حول صحراء البوليساريو بعد انسحاب القوات الإسبانية منها في العام 1975، وبعد وقف إطلاق النار في العام 1991 بين الجبهة والجيش المغربي، والتي لم تحل حتى هذه اللحظة.
ومضى الكاتب قائلا: قد يتفاوت الوضع الأمني في هذه الدول كما يتفاوت الوضع الاقتصادي فيها، حيث سجل تقرير "غالون" أن الجزائر تأتي في المرتبة الأولى على المستوى الأفريقي، والسابعة عالميا من حيث الدول الأكثر أمنا في العام 2017، أما المغرب فتأتي في المرتبة 43 عالميا، وتونس في المرتبة 71.
وفي جردة استعراض للعمليات الإرهابية التي ضربت دول المغرب العربي، وجد الكاتب قاسم أن تونس هي الأكثر تعرضا للعمليات الإرهابية، وأهمها: هجوم متحف باردو، وهو هجوم إرهابي تم خلاله احتجاز حوالى 200 سائح كرهائن، وقد وقع في 18 آذار/ مارس 2015، وخلف الهجوم 22 قتيلا، إضافة إلى المسلحين، و45 جريحا.
وكذلك حادثة إطلاق النار في ثكنة بوشوشة في أيار/ مايو العام 2015، وهو حادث إطلاق نار وقتل جماعي، في تونس العاصمة، أثناء تأدية الجنود تحية العلم، حيث قتل 8 جنود وجرح 9 من الجيش الوطني التونسي.
إضافة لهجوم سوسة عام 2015، قتل فيه 38 سائحا، وجرح 39 آخرين، أغلبهم من السياح، وذلك بعد أن هاجم مسلح أحد الفنادق في شواطئ المنتجع السياحي مرسى القنطاوي في مدينة سوسة.
وكذلك تفجير تونس عام 2015 الذي قتل فيه 12 فردا من الأمن الرئاسي التونسي، عندما فجر مسلح نفسه في الحافلة التي تقلهم، وذلك وسط تونس العاصمة؛ في شارع محمد الخامس.
وحول العمليات الإرهابية التي ضربت الجزائر فهي قليلة، على حد قول الكاتب قاسم، وأبرزها تفجيرا الجزائر في 11 كانون الأول/ ديسمبر عام 2007، وهما تفجيران انتحاريان أديا إلى سقوط ما لا يقل عن 50 قتيلا.
وخلص الكاتب اللبناني إلى أن
هذا التفاوت الأمني يعزز مخاوف الخطر الداهم في هذه الدول التي تعاني من الضائقة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة، إضافة إلى أمر أساس وهو عودة التكفيريين من سوريا إلى دولهم بعد هزيمتهم فيها، ما يدعو هذه الدول إلى الاستنفار العام لمواجهة "السلفية الجهادية" التي يحاول مشايخ "السلفية" في الجزائر تجميل صورتها في بيان لهم ردا على ما سموه تشويها، مع تأكيد المتخصصين في الحركات "السلفية" أن "السلفية" الحاضرة تستمد مرجعيتها من "المجاهدين الأفغان"، وتعتمد على الكفاح المسلح.
وختم الكاتب مقاله بالقول: من الضروري ترتيب الأولويات على المستويات كافة، وجعل فلسطين القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، والهم الأساس في الصراع، لتصويب البوصلة في الاتجاه الصحيح، ولعدم جر الصراع إلى القتل والإجرام تحت عناوين ظاهرها الإسلام وباطنها النفاق والفرقة بين شعوب الأمة.