وقالت بنراد: "دوما ما يكون التساؤل حول إذا ما كان داعش ظهر من صلب حزب البعث القديم، أم أنه كيان منفصل تماما؟، لكن الواقع ربما يظهر أنه كان مزيجا من الاثنين معا".
معلومات استخباراتية
ودللت الباحثة الفرنسية عن صحة تلك الفرضية، بمجموعة من التقارير التي كشفت عن معلومات استخباراتية سرية، تظهر ارتباط عناصر تابعة لحزب البعث العراقي، الذي يمتلك أيديولوجية صدام حسين، بتكوين كوادر "داعش".
وأشارت إلى أن فيديو استجواب أجرته قوات "سوريا الديمقراطية" في 10 يناير/كانون الثاني 2018، واتهم فيها أحد عناصر التنظيم الإرهابي، الفرنسي توما بارنوين، تنظيم "داعش" بأنه استعان بعدد من أعضاء حزب البعث السابقين، وعدد من عناصر أجهزة الاستخبارات الغربية لتأسيس كوادره.
ولكن ربما تكون ادعاءاته محسوبة على "نظرية المؤامرة"، والقول للباحثة الفرنسية، خاصة وأنه كان مسجونا لدى القوات الكردية، التي يربطها عداء كبير مع النظام البعثي السابق، الذي يملك عداء كبير مع الأكراد.
يذكر أن مجلة "دير شبيغل" الألمانية نشرت في 18 أبريل/نيسان، تحقيقا حول شخصية بارزة في تنظيم "داعش"، وهو حاج بكر، الذي هو في الأصل، سمير محمد الخلفاوي، الذي كان عقيدا سابقا في الجيش العراقي، ويمتلك علاقات قوية مع أجهزة الاستخبارات.
وعادت بنراد للحديث "السؤال هنا، كيف يكون ذلك، وفكرة البعثية، التي بني عليها حزب البعث، أصلا أيديولوجية علمانية ثورية، تم تأسيسها في بادئ الأمر على يد القوميين السوريين زكي العرسوزي وميشيل عفلق في أوائل الأربعينات، والتي تشجع على إقامة دولة عربية واحدة".
وتابعت
"الإجابة هو أن فكرتي البعث وداعش واحدة، إقامة دولة واحدة، ولكن التنظيم الإرهابي منح الفكرة البعثية صيغة إسلامية".
العلاقات القديمة
واستفاد "داعش" كثيرا من الجمهور العريض، الذي كان مؤيدا لفكر "البعث"، رغم أن "السبب الرئيسي" لظهوره هو الاحتلال الأمريكي للعراق، بحسب تقرير مجلة "ذا كونفيرسيشن".
ولكن تقرير سابق لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2015، تحدث عن "وجهة نظر معاكسة"، ألا وهي وجود علاقات قديمة قبل احتلال أمريكا للعراق، كان يجهزها نظام صدام حسين لسيناريو الاحتلال لتأسيس تلك الجماعة التي عرفت فيما بعض بـ"داعش".
أما بنراد فرأت، أن الاحتلال الأمريكي، كان أحد الأسباب الرئيسية في ظهور التنظيم الإرهابي، خاصة بعدما صدر في 2003 قرارا بإقالة الضباط والجنود العراقيين، بعدما حلت الجيش وعدد من الهياكل السياسية للنظام العراقي، ما تسبب في انهيار الدولة وتصاعد العنف المسلح المتطرف.
وتسبب ذلك القرار في تسريح ما لا يقل عن 250 ألف جندي عراقي، ما دفع الكثير منهم للانضمام إلى خندق المتمردين على السلطات الموجودة حاليا في البلاد، وبدأ الموالين لحزب "البعث" في التواطؤ مع الفصائل الجهادية قبل الحرب.
إرث قديم
وتطرقت الباحثة الفرنسية إلى أن صدام حسين نفسه، دعى في أحد أبرز خطاباته بعد سقوط نظامه إلى "الجهاد" ضد العدوان الخارجي والخونة، ولكن لم يظهر أي دلائل حقيقية على وجود اتصالات بأي من الحركات الجهادية الدولية قبل 2003، كما أنه كان محاربا للفكر الإسلامي المتطرف سواء السني أو الشيعي طوال فترة حكمه.
وأردفت "هذا يبدو أنه لم يثن مئات من العرب السنيين العراقيين الموالين لنظام صدام حسين وعدد من المواطنين العاديين من الانضمام إلى التمرد بعد سقوط الرئيس العراقي، خاصة بعدما بات الاحتلال مسيطر على الحياة اليومية لهم، فمنهم من اتجه إلى الجماعات القومية، ولكن آخرين اتجهوا إلى الفصائل السلفية، التي كان منها داعش، وخاصة أن الأخيرة كانت الوحيدة التي تبشر بثورة سياسية عن طريق إنشاء دولة مختلفة وهي دولة الخلافة".
وأرجعت الباحثة في الجامعة الهولندية لجوء عدد من قيادات "البعث" إلى التنظيم الإرهابي، إلى ما وصفته بـ"إرث قديم من العنف".
وأوضحت دوما ما كان يستخدم صدام حسين الدعاية الدينية والغطاء الإسلامي، كبديل للقومية العربية والعراقية، خاصة في أوج الحرب مع إيران في الفترة من 1980 حتى 1988".
وتابعت
"تباعا بمرور السنين، غير صدام حسين أيديولوجية البعث العلمانية-العلمانية، إلى عقيدة جديدة أطلق عليها اسم: الإيمان الوطني، التي تجعل الإسلام مصدرا لسياساته لاستعادة مكانته وشرعيته في أعين شعبه".