ونشرت الصحيفة الأمريكية تحقيقا مطولا يتضمن معلومات جديدة نقلتها عن عدد من الأمراء والمسؤولين والمليارديرات المفرج عنهم من "ريتز كارلتون" أخيرا، ضمن حملة مكافحة الفساد، وعلى رأسهم الأمير الوليد بن طلال.
وقالت "نيويورك تايمز": "رجال الأعمال، الذين كانوا يعتبرون عمالقة الاقتصاد السعودي، يلبسون الآن أساور إلكترونية في الكاحل، تتبع تحركاتهم، والأمراء الذين كانوا يقودون قوات عسكرية ويظهرون على أغلفة المجلات العالمية، لا يمكنهم التحرك بحرية ويتم مراقبتهم من قبل حراس، ولا يمكنهم ولا أسرهم الطيران بطائراتهم الخاصة للوصول إلى حساباتهم المصرفية، وحتى زوجاتهم وأطفالهم ممنوعون من السفر".
ونقلت الصحيفة عن شهود على تحقيقات الريتز قولهم إنه منذ الأيام الأولى لعمليات الاحتجاز والتحقيقات في حملة الفساد يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرض عدد من الأمراء والمسؤولين لإيذاء جسدي.
وأشار الشهود إلى أنه تم إدخال ما لا يقل عن 17 شخصا إلى المستشفى، بسبب الاعتداء الجسدي.
وزعمت الصحيفة الأمريكية أن أحد هؤلاء المحتجزين، والذي لم تسمه، توفي في وقت لاحق خلال احتجازه، وشوهدت رقبته ملتوية، كما أن جسده كان منتفخا بشكل سيء، وعليه علامات للتعذيب، وفقا لتصريحات نقلتها عن شخص وصفته بأنه شاهد على الجثة.
وأشارت أيضا إلى أن السلطات السعودية أصرت على ارتداء أحد المحتجزين السابقين في الريتز جهاز تتبع عبارة عن "أساور إلكترونية في الكاحل".
ونقلت عن أحد أقارب المحتجز السابق قوله: "لقد وقع على كل شيء تقريبا، حتى يخرج من المحتجز، حتى المنزل الذي يعيش فيه حاليا، ليس متأكدا إذا كان لا يزال ملكه أم لا".
وأوضحت "نيويورك تايمز" أنها أجرت مقابلات مكثفة مع مسؤولين سعوديين وأعضاء في العائلة المالكة وأقارب ومستشارين مرتبطين بالمحتجزين السابقين في الريتز، وكشفوا عن "عملية مظلمة، ربما تكون قسرية، ظهرت فيها حالات اعتداء جسدي، لتحويل مليارات من الدولارات كانت ضمن ثروات المحتجزين الخاصة إلى سيطرة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان والسلطات السعودية".
ونقلت الصحيفة عن 3 من مساعدي الملك عبد الله الراحل، قولهم إن جزءا من الحملة مدفوعا بنزعة وصراع عائلي، خاصة وأن الأمير محمد بن سلمان، كان يسعى للضغط على أبناء الملك عبد الله، الذي توفي عام 2015، لإعادة مليارات الدولارات، التي كانوا يعتبرونها ضمن ميراث والدهم.
وردت الحكومة السعودية في رسالة بريد إلكتروني رسمية بعثتها إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، نفت فيها كافة الاتهامات بالإساءة الجسدية، وقالتها بأنها "غير صحيحة بالمرة".
وقالت الحكومة في ردها: "التحقيقات، التي قادها النائب العام، تمت بالتوافق التام مع القوانين السعودية".
وتابعت:
"تمكن جميع الذين يخضعون للتحقيق مع الوصول الكامل إلى مستشار قانوني، بالإضافة إلى الرعاية الطبية لمعالجة الحالات المزمنة الموجودة من قبل".
وأشارت إلى أن الحكومة والعديدة من المسؤولين السعوديين، الذين تواصلت معهم "نيويورك تايمز" بشكل منفصل، على الإجابة على المزيد من الأسئلة حول الإساءة والتعذيب المزعوم.
كما أشارت إلى بيان أصدره مكتب النائب العام وإدارة مكافحة الفساد، والذي قال إن الملك سلمان وولي عهده حريصان على القضاء على الفساد بأقصى قوة وشفافية.
تقارير الاعتداء
واستمرت "نيويورك تايمز" في رصد ما وصفته تفاصيل ما حدث في الأيام الأولى لتحقيقات الريتز، ونقلت عن طبيب ومسؤول أمريكي زعمهم أن 17 شخصا من المحتجزين، احتاجوا إلى علاج طبي نتيجة سوء المعاملة خلال التحقيقات.
وقال أحد أقارب المحتجزين إنهم حرموا من النوم، وتعرضوا للتخويف خلال عمليات الاستجواب، وتعرضوا لضغوط كي يتنازلوا عن أصول كبيرة مما يملكوها.
وزعمت الصحيفة أن طبيب وشخص آخر تحدثوا عن واقعة تتعلق بوفاة ضابط عسكري سعودي في الحجز، وهو اللواء علي القحطاني.
وادعت الصحيفة أن الشهود شاهدوا اللواء القحطاني ورقبته كانت ملتوية بشكل غير طبيعي، كما لو كانت مكسورة، كما أن جثته كانت بها كدمات وعلامات تعذيب على جلده.
وزعم طبيب وشخصان آخران شهدوا حالة الجثة، وأن عليها علامات حروق، تبدو وكأنها صدمات كهربائية.
ورد مسؤول في السفارة السعودية في واشنطن على مزاعم وفاة القحطاني عبر البريد الإلكتروني:
"جميع ادعاءات سوء المعاملة والتعذيب لأولئك الذين تم التحقيق معهم خلال إجراءات مكافحة الفساد غير صحيحة على الإطلاق".
وتابع: "كافة المحتجزين كان يمكنهم الوصول الكامل إلى المستشار القانوني الخاص بهم والرعاية الطبية".
وزعمت "نيويورك تايمز" أن القحطاني، كان ضابطا في الحرس الوطني، وفي الستين من عمره، ولم يكن ثريا بما يكفي ليكون هدفا لحملة مكافحة الفساد، لكنه كان أحد أبرز مساعدي الأمير تركي بن عبد الله، نجل الملك الراحل عبد الله.
وأردفت: "ربما كان يرغب المحققون في الضغط على الجنرال للحصول على معلومات حول رئيسه الأمير تركي".
ولم تقم المملكة، علنا بإعلان أي تفسير لوفاة الجنرال القحطاني، الذي أعلن عن وفاته في مستشفى عسكري.
أما الأمير تركي نفسه، فنقلت الصحيفة عن مدير المؤسسة الخاصة به، زعم فيها أن الأمير لا يزال محتجزا، ويحظر على معظم أخوته وأسرهم السفر خارج المملكة، كما أن هناك آخرون في الخارج في لندن ومدن أخرى يخشون من العودة إلى المملكة.
ونقلت عن أحد المقربين من عائلة عبد الله، بأن السلطات تسمح لهم فقط بسحب 26 ألف دولار أسبوعيا من حساباتهم البنكية لتغطية نفقاتهم.
ونقلت أيضا عن أقارب أحد المحتجزين المفرج عنهم قوله: "إنهم مستمرين بالضغط على كافة المحتجزين وعائلتهم وأطفالهم، حتى يتسنى له بيع ممتلكاته ليسمح له بالسفر مرة أخرى، نفس الأمر يحدث داخل وخارج الريتز".
وقال أحد المنتسبين لمحتجز سابق:
"لا أحد يستطيع التحديث عما حدث في الريتز، في النهاية، عليهم جميع العيش داخل المملكة العربية السعودية، وألا يغادروها".