وقال مفتي، في تصريحات حصرية لوكالة "سبوتنيك"، "حتى نكون منصفين، أخطاء الغزو الأمريكي، والحكومات العراقية السابقة، والثقافة الطائفية غير الديمقراطية هي ما تسبب في تعقيد المشهد في البلاد بشكل عام حتى الآن".
وأضاف مفتي، وهو الصديق المقرب من الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، أن "فترة الغزو الأمريكي كانت فترة مهمة في تاريخ العراق، بعد الإطاحة بحكم صدام حسين الديكتاتوري الذي أحرق البلاد، واستخدم الأسلحة الكيميائية ضد الكرد".
وأردف قائلا "في ذلك الوقت كان هناك شبه إجماع في إقليم كردستان على العمل لإنهاء حكم صدام".
ولفت مفتي إلى أن "ما بعد الحرب، وسقوط النظام، حدث ما لا يحمد عقباه، من السلب والنهب في بغداد ومدن أخرى جنوبي البلاد، وكذلك الإجراءات التي اتخذت وصولا إلى القرار الخاطئ تماما لمجلس الأمن بالاعتراف بالحكم الأمريكي باعتباره احتلالا"، موضحا "هذا كان مفيدا للقوات الأمريكية، لكنه عمليا وسياسيا أجهض آمال الشعب العراقي".
وأجاب مفتي عن سؤال حول خطأ واشنطن في قرار تعيين بول بريمر كحاكم مدني للعراق عام 2003، قائلا "نعم، كنا نفضل وجود حكومة عراقية بديلة وخالصة بدعم من القوات الأمريكية"، متابعا "واشنطن فضّلت عبر قرار مجلس الأمن حتى يكون لها مجال بإصدار قوانين وغيرها من الأمور".
وأردف أن "عدم فتح طريق لاستيعاب الجموع الكبيرة التي كانت مضطرة للانضمام إلى حزب البعث خلال حكم النظام الذي دام 35 عاما، وسد الطريق أمامهم اضطر كثير منهم للجوء للمنظمات الإرهابية وهكذا تكونت القاعدة في العراق، وتسبب ذلك في الموجهات الدامية مع الأمريكان، وما تلى ذلك من وقف التنمية، وعرقلة أي تطور كان يمكننا أن نعيشه".
ولفت مفتي إلى أن "هذه التنظيمات التي تكونت عانت منها دول الربيع العربي فيما بعد، مثل سوريا وغيرها، هذا جميعا كان سببه الممارسات الخاطئة بعد غزو العراق".
وأجاب مفتي عن سؤال حول ما ساهم به الدستور العراقي لحفظ حقوق الأكراد في العراق، قائلا "الدستور العراقي بعد 2005 أنصف الشعب الكردي، وهو يقر بالحقوق الديمقراطية الشرعية لجميع مكونات الشعب العراقي"، متابعا "على الرغم من كل الصعوبات كان الإقليم شبه مستقلا منذ 1991 حتى 2003، وفي 2005 صوتنا بنعم بأغلبية ساحقة لصالح الدستور، لكن مشكلات العراق كانت أكبر من عملية كتابة دستور، فهي تراكمات للأخطاء الأمريكية، والحكومات فيما بعد، والإرهاب أيضا".
وعن مخاوف طالباني أثناء توليه رئاسة الجمهورية، قال مفتي "طالباني كان قائدا فذًا، وعلى دراية بتاريخ وواقع العراق، وكان الرجل الذي يستطيع أن يحوز ثقة كافة الأحزاب من كافة المكونات".
وأردف "كان مؤهلا للعب دور مهم في حلحلة مشاكل البلاد، ونجح كذلك في حل المشاكل بشهادة خصومه أيضا".
وإجابة عن سؤال حول إخفاقات طالباني في سنوات ما بعد إقرار الدستور العراقي، قال مفتي "طالباني نجح كثيرا، ولكن لا نستطيع أن نقول أنه وجد حلولا كاملة، أخفق بسبب أن الواقع العراقي كان صعبا على الجميع، فعندما ذهب — طالباني — لبغداد عانى الاتحاد الوطني من مشكلات كبيرة، بالإضافة إلى أنه لم يحل الأزمات الطائفية بين الأحزاب السنية والشيعية، بينما كان الإرهاب أكبر من طاقته وقدرة البلاد أيضا".
وأضاف مفتي أن "طالباني لم يستطع أن يخطو خطوات فعلية من أجل تنفيذ المواد الدستورية على رأسها المواد المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها"، موضحا "وضعنا مهلة لإنهاء النزاع حول هذه المناطق بحلول نهاية عام 2007 لتطبيق المادة 140 بالاستفتاء على مصير هذه المناطق، وحدثت أزمة بعد ذلك توسطت فيها الأمم المتحدة ودول غربية، وكان المبعوث الأممي وقتها ستافان دي ميستورا وحاول مساعدتنا كعراقيين".
وشدد رئيس برلمان كردستان على أن "تواجد القوات العراقية حاليا في كركوك مخالف للدستور"، موضحا "عندما يشارك الجيش العراقي ويستمر في بقائه بهذه الطريقة في كركوك والمناطق المتنازع عليها يعد احتلالا، وإذا كان الجيش موجودا في البصرة بهذه الطريقة أيضا يعتبر احتلالا".