ولم يستطع أحد أن يقنع سلطات الدوحة بالتعامل مع مطالب الدول العربية الأربع المتمثلة في 13 بنداً، والتي أهمها تخفيض العلاقة مع إيران وجماعة الإخوان المسلمين وإغلاق القاعدة العسكرية التركية وقناة "الجزيرة" الفضائية وبالطبع التوقف عن دعم الجماعات الموصوفة بـ "الإرهابية" في تلك الدول.
الدوحة رفضت الاتهامات والشروط، واعتبرتها تدخلاً في سيادتها الوطنية، وطالبت بالحوار معها، لحل المسائل العالقة.
وبالمقابل تصر الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة على تنفيذ شروطها لعودة المياه إلى مجاريها مع الدوحة، التي بدت غير مستعدة بالمطلق للتخلي عن علاقتها مع إيران، كونها تملك علاقات اقتصادية مهمة معها وتشاركها حقول ضخمة لاستخراج الغاز من مياه الخليج، وغيرها من المصالح.
وعلى الرغم من الإعلانات المتكررة للمسؤولين القطريين بأن بلادهم استطاعت التعافي من أثر وتبعات المقاطعة الخليجية — المصرية، عبر الاستعاضة عن البضائع والسلع المستوردة من الدول الأربع بأخرى من إيران وتركيا وغيرها، وكذلك بافتتاح طرق ملاحية جديدة مع الهند وعُمان وتركيا ودول أخرى عوضاً عن الموانئ الخليجية المغلقة في وجهها، إلا أن الواقع يقول شيئاً مختلفاً.
وتفيد تقارير صحافية غربية من الدوحة، أن قطر تكبدت خسائر اقتصادية فادحة، بسبب سحب الاستثمار الخليجي منها، ولارتفاع تكاليف الشحن من الموانئ الجديدة، وتحويل خطوط الملاحة الجوية لتمر عبر إيران وبحر العرب، ما زاد من المسافة والتكاليف.
وعانت الدوحة من النقص في السيولة النقدية، واضطر المصرف المركزي لضخ عملات أجنبية، لتعويض نقص السيولة في البنوك المحلية؛ كما خفضت قطر من استحواذها لأذونات الخزانة الأميركية، وسحب صندوق الثروة السيادي أمولاً من الخارج، لتعويض النقص.
ويبدو أن دواع اقتصادية تقف وراء عدم رغبة قطر في اغلاق الخط أو على الأقل تقليص الكمية الموردة إلى دولة الإمارات.
ومن جهة أخرى، بيّن المسؤولون في الدول الخليجية الثلاث المقاطعة لقطر، أنه "لا أثر" على اقتصاداتها من وراء إجراءاتها على الدوحة؛ بل واعتبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن "المشكلة مع قطر صغيرة جداً جداً"، ما فهم من ذلك عدم اهتمامه بها بالمطلق.
لكن ماذا عن الوساطة الكويتية، التي اعتبرت الوحيدة في هذه الأزمة؟
حاول الشيخ صباح الأحمد تفكيك رموز "الأزمة" عبر التدخل شخصياً بين العاهل السعودي الملك سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد؛ لكنه لم يستطع أن يقرب من وجهات النظر، ما اضطره للإعلان من واشنطن بأن بعض الشروط المطلوب من قطر تنفيذها، غير ملائمة، ولمّح إلى أنها قد تمس السيادة الوطنية لهذه الدولة.
يبدو أن رغبة الدوحة بحل الأزمة عبر التدخل الغربي لدى الرياض، وخاصة من قبل رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، يبدو وهماً؛ وكذلك من غير المعقول أن تقبل الرياض بأقل من تخفيض علاقة الدوحة مع طهران إلى أدنى مستوى.
عام مر وبدأ آخر، لكن فصولاً أخرى في "أزمة قطر" ما زالت لم تبدأ بعد؛ بانتظار أن يحمل العام 2018مفاجآت تحرك المياه الراكدة.