فمن أهم الأسلحة التي استخدمت لإنهاء حالة الهزيمة كانت الأغاني الحماسية، إذ كانت مادة أساسية في الإذاعة المصرية وقتها، والمفارقة أن هذه الأغاني لا تزال رائجة حتى وقتنا الحالي.
أول أغنية بعد الهزيمة
يمكن وصفها بالأبن البكر لهزيمة 1967، فهي أول أغنية غناها عبد الحليم حافظ بعد الهزيمة، وهي من تأليف الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الأبنودي، وألحان الموسيقار بليغ حمدي.
يقول مجدي العمروسي، صديق عبد الحليم حافظ، في كتابه "كراسة الحب والوطنية: السجل الكامل لكل ما غناه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ"، إن الأبنودي بدأ في تأليف "عدى النهار" من وحي لحظة الصدمة في حضور عبد الحليم، مبتدءا بعبارة "عدى النهار" حتى وصل إلى عبارة "أبو النجوم الدبلانين"، وتوقف عندها ولم يستطع استكمال الأغنية فاقترح عليه عبد الحليم عبارة "أبو الغناوي المجروحين"، فاستأنف الأبنودي بعد ذلك التأليف، وقصدت الأغنية بشكل عام أن الهزيمة لن تكسر الإرادة المصرية، وأنها ستعبرها، وكان ذلك واضحا في كلماتها التي جاء فيها "يا هل ترى الليل الحزين…أبو النجوم الدبلانين…أبو الغناوي المجروحين/ يقدر ينسيها الصباح…أبو شمس بترش الحنين/ أبداً بلدنا للنهار..بتحب موال النهار".
وغنى عبد الحليم هذه الأغنية في عام 1967 في حفلة تاريخية أمام 8 آلاف شخص في قاعة ألبرت هول في لندن وكان لها صدى شعبي كبير.
الأغنية التي أقسم عليها عبد الحليم
لم تكن "عدى النهار" الأغنية الوحيدة لعبد الحليم في مقاومة الهزيمة، إذ غنى اكثر من أغنية من بينها أغنية "أحلف بسماها وترابها"، وهي الأغنية التي أقسم حليم أن يغنيها في كل حفلاته حتى تتحرر سيناء، وبالفعل بدأ عبد الحليم في غناء "أحلف بسماها" منذ 1967، وحرص على أن تكون ضمن برنامج أي حفلة له سواء في داخل الأراضي المصرية أو خارجها. الأغنية من تأليف الشاعر عبدالرحمن الأبنودي وألحان كمال الطويل.
الأغنية الوعد
في عام 1968 غنى عبد الحليم حافظ من كلمات محسن الخياط، وألحان كمال الطويل "البندقية اتكلمت"، وهي الأغنية الحماسية التي كان الراديو يصدح بها وسط الجنود على الجبهة أثناء حرب الاستنزاف، فتزيد من حماسهم، وتعدهم باقتراب النصر.
فتقول بداية الأغنية "بلدي بلدي يا بلدي/ بكل حبي للحياة بلدي وبكل بسمة فوق شفايف ولدى/ وبكل شوقي للفجر وشروقي/ وبكل نبض الثورة فى عروقي/ جتلك وأنا ضامم جراح الأمس/ حالف لرجعلك عيون الشمس".
المدد من أغنية مدد
هي واحدة من أشهر الأغاني الحماسية التي ملأت مصر بعد نكسة 5 يونيو، الأغنية كلمات الشاعر إبراهيم رضوان، وغناها المطرب والموسيقار محمد نوح، وغنتها كذلك فرقة "أولاد الأرض" وقائدها الكابتن غزالى فى الخنادق وعلى خط النار خلال معارك الاستنزاف، وتحولت كذلك إلى مسرحية حملت نفس الأسم.
استشهد تحتك وتعيشي إنتِ
رغم أن المصريون جميعا تجرعوا مرارة هزيمة يونيو 1967، إلا أن أهالي مدن القناة (الاسماعيلية — السويس — بورسعيد) تجرعوا المرارة مرتين، الأولى بسبب هزيمة بلادهم والثانية بسبب الخراب والدمار الذي طال مدنهم، واضطرارهم إلى تركها، في هذه الأثناء قرر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي اصطحاب المغنى والملحن محمد حمام، في زيارة إلى مدن القناة، وكتب الأبنودي "يابيوت السويس"، والتي تقول مقدمتها "يابيوت السويس يابيوت مدينتى/ استشهد تحتك وتعيشي انتي".
توفي محمد حمام مساء 26 فبراير 2007، و أمر المشير طنطاوى، وزير الدفاع المصرى، وقتها، بنقل جثمانه بطائرة عسكرية ملفوفا بعلم مصر، وكان في استقبال الجثمان المستشار العسكرى ومحافظ أسوان، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرون طلقة وعلق المحافظ وقتها على وفاة حمام: "إن حماس وغناء محمد حمام مع فرقة السمسمية على الجبهة مع الفدائيين حتى كلل بالنصر لا يقل عن أى جندى صوب مدفعه نحو العدو…..وقد نعاه الرئيس محمد حسنى مبارك و أذيع خبر وفاته بالتلفزيون المصري ونكست الأعلام بمدينة السويس".