القاهرة — سبوتنيك. قالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في تقرير، "لقد مضى عام على قرار المملكة العربية السعودية وثلاثة من حلفائها العرب فرض حظر اقتصادي على قطر، بدعوى علاقاتها مع إيران وتمويلها المزعوم للإرهاب، ووفقا لمعظم المقاييس، فشل الحظر الذي حرم قطر من الروابط الجوية والبحرية والبرية الرئيسية".
وأشارت الوكالة إلى ما أكده صندوق النقد الدولي، بأن واردات قطر وصادراتها مرتفعة، وهي أغنى بلد في العالم، من حيث نصيب الفرد، وذلك بفضل الاحتياطيات الهائلة من الغاز الطبيعي، وهي في طريقها لتحقيق فائض في الميزانية في عام 2018، حيث ينمو اقتصادها بشكل أسرع من جيرانها.
ونقلت الوكالة عن الأستاذ المساعد في "كينجز كوليدج لندن"، ديفيد روبرتس، قوله "من الصعب أن نرى كيف نجح الحصار، لم تستسلم قطر، ولم تشارك أية دول دولة مهمة فيه".
ورأت الوكالة الأمريكية، أن التأثير الأولي للأزمة كان شديدا على قطر، وانخفضت سوق الأسهم بأكثر من 7% في يوم واحد، وذلك تزامناً مع مغادرة رؤوس الأموال الأجنبية قطر.
وانخفضت الواردات القطرية، في حزيران/ يونيو بنسبة 40 % وتوقف النمو، وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وتفاقم العرض الزائد من العقارات والفنادق، مع انقطاع الحركة السياحية من المملكة العربية السعودية.
وبحسب كبير الاقتصاديين في الشرق الأوسط في "بلومبرج إكونوميكس" زياد داوود، فإن "قطر تدفع أكثر مقابل وارداتها، لكن لديها جيوب عميقة، ويمكنها تحمل ذلك".
وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة سحبت ما يقارب من 30 مليار دولار من البنوك القطرية، "لكن ثبت أن ذلك سهلاً بما يكفي لصناديق الثروات التي تبلغ قيمتها 320 مليار دولار، فما فوق".
وقامت هيئة الاستثمار القطرية (الصندوق السيادي) بإعادة 20 مليار دولار إلى البلاد، لدعم البنوك المحلية، ثم عززت قطر علاقاتها الاقتصادية مع القوى العالمية، مؤكدة خطتها لاستثمار 35 مليار دولار في الولايات المتحدة بحلول عام 2020، وزيادة حصتها في أكبر منتج للنفط الروسي "روسنفط".
وأنفقت البلاد مليارات الدولارات على الأسلحة من فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث اشترت الطائرات المقاتلة والصواريخ والسفن الحربية، واستمرت قطر في بناء الطرق والملاعب لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، وعلقت الناطقة الرسمية لوزارة الخارجية القطرية لؤلؤة الخاطر، بالقول، "أدركنا أننا بحاجة إلى تجاوز محيطنا المباشر، وتقوية العلاقات الخارجية".
وتابعت الوكالة في تقريرها، في البداية، كان قرار الحظر مسألة صعبة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وأعلن السعوديون بعد أسابيع قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة في أول رحلة له إلى الخارج، دعم ترامب الحصار على قطر، على الرغم من أن القضية قسمت أعضاء إدارته، نظراً للتحالف القديم بين قطر والولايات المتحدة.
غير أن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، ريكس تيلرسون، طمأن القطريين بأنهم يظلوا حليفين مقربين، خاصة وأن البلاد مقر قاعدة عسكرية أمريكية رئيسية في المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، انتقل ترامب من الدفاع عن "الحصار"، إلى الإشادة بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بخصوص سياسات بلاده في مكافحة الإرهاب.
ومن هنا، يرى الملحق السابق لوزارة الخزانة الأمريكية في قطر والكويت، مايكل جرينوالد، أن إيران تقف اليوم بصفتها "المنتصر الوحيد" من جراء تفكك الخليج على حد تعبيره.
وزعم المسؤول السابق، أن الإدارة الأمريكية دفعت "التحالف الذي تقوده السعودية"، إلى إنهاء الحظر واستعادة علاقته الدبلوماسية مع قطر، كجزء من حزمة أوسع تهدف إلى حل المشكلة؛ لكن السعوديين وحلفائهم العرب لم يظهروا حتى الآن الرغبة في القيام بذلك.
وترى الوكالة الأمريكية أن التأثير الأكبر على قطر قد يكون في الجانب الثقافي حيث فقدت جزء من الدول التي تشكل الأمة العربية.
كانت أربع دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أعلنت في 5حزيران/يونيو من العام الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية وغيرها مع دولة قطر، معللة قرارها هذا برغبتها في ثني الدوحة عن "دعم وتمويل الإرهاب".
وأرفقت الدول الأربع، ودول عربية وإسلامية متضامنة معها، قرار قطع العلاقات بجملة من الإجراءات العقابية، تضمنت إغلاق الحدود البرية مع السعودية والمجال الجوي والموانئ؛ وطلبت من مواطنيها سحب استثماراتها من قطر وعدم زيارتها، وحذرت من مخالفة هذه التعليمات، التي ستضع الأشخاص المخالفين تحت طائلة المسؤولية.
وقدمت الدول الأربع، عبر الوسيط الوحيد في الأزمة — دولة الكويت — جملة من المطالب تمثلت في 13بنداُ، كان أهمها تخفيض العلاقة مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في البلاد، وإغلاق قناة "الجزيرة" الفضائية، واعتقال وتسليم مطلوبين لهذه الدول، وغيرها من الشروط، التي ربطتها بآلية رقابة طويلة، للتحقق من تنفيذها.
ورفضت الدوحة الاتهامات والمطالب الـ 13، معتبرة إياها تدخلاً غير مقبول في سيادتها الوطنية، وطالبت بالحوار معها، غير أن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث.
وللتعويض عن خسارتها مصادر توريد السلع والبضائع، وكذلك خطوط الملاحة الجوية، لجأت قطر إلى إيران وتركيا، وأيضاً إلى عمان والهند ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها.