وأفادت القناة أن الوضع الحقيقي في هذه الحال بالذات لا يهم، فمن الواضح أن الضربات ستوجه تحت أي ظرف من الظروف.
وأشار كاتب المقال المحلل إيفان دانيلوف إلى أن القضية هنا لا تتعلق بالأسد أو حتى بالصراع السوري. إذ سيتم ضرب سوريا انطلاقا من المنفعة السياسية الداخلية الأمريكية.
وأكد أن الضربات على سوريا ليست ضرورية، لكن يمكن تجنب مثل هذا السيناريو في الوقت الحالي، فقط في حال ظهور قضية أخرى في جدول الأعمال السياسي والإعلامي، لكي تطغى على "المسألة السورية" لبضعة أشهر.
وتجدر الإشارة إلى أن الكشف عن خطط الضربات الأمريكية من قبل "سي إن إن" نوع من أنواع الابتزاز، الذي وقع ضحيته الرئيس الأمريكي. إذ وضع ترامب في موقف حرج للغاية، فعندما ستنظم "الخوذ البيضاء" عملا استفزازيا آخرا في سوريا، بالتعاون مع المخابرات البريطانية، لن يبقى لديه إمكانية للامتناع عن الضربات وتصعيد الصراع، فإن نشرت "سي إن إن" معلومات حول رفض قصف دمشق، ردا على حادث استخدام الأسلحة الكيميائية، سيتم إلقاء اللوم والمسؤولية على ترامب، الذي سيتهم مرة أخرى بالتعاون مع الكرملين. وقد جاء تفاقم الأزمة السورية في فترة ضعف الرئيس الأمريكي، خلال الاستعداد للانتخابات النصفية.
ويتم خلال الانتخابات النصفية إعادة انتخاب 435 عضوا في الكونغرس وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وكذلك معظم المحافظين. وتجري الانتخابات النصفية هذا العام، يوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر. وتتوقف على نتائجها الحياة السياسية وحرية وحتى حياة ترامب وأسرته. ففي حال شغل الحزب الديمقراطي الغالبية في الكونغرس فإن ترامب سيكون في خطر سحب الثقة واتهامه وأسرته بالخيانة والتواطؤ مع روسيا، ما قد يؤدي به إلى السجن أو الكرسي الكهربائي.
ومن الجدير بالذكر أن قضية التدخل الروسي في الانتخابات وخيانة الرئيس للدولة يقف في جدول الأعمال الرئيسي للحملة الانتخابية. وفي حال امتنع الرئيس الأمريكي عن ضرب سوريا، فيمكن التنبؤ، بعرض لقطات "لأطفال سوريين تسمموا بالسارين" وسيتم عرض تلك اللقطات على جميع القنوات التلفزيونية الأمريكية خلال فترة الحملة الانتخابية، وسيرافق ذلك تعليقات حول امتلاك بوتين دليلا يهدد ترامب بسبب امتناعه عن معاقبة الأسد وإظهار القوة الأمريكية لبوتين.
وترى الإدارة الأمريكية الحالية ضرورة عدم السماح لمثل هذا السيناريو، لذلك من المرجح ضرب سوريا، مع مرافقة إعلامية صاخبة وسيتم المبالغة في الأضرار والخسائر من الجانب السوري.
ويرجح الكاتب أن المنطق السياسي الأمريكي بحاجة فقط إلى عرض القوى من أجل الإعلان بعد ذلك عن هزيمة العدو وإقامة العدالة. أما إعلان محاولة تغيير السلطة في دمشق أو بداية حرب أخرى في الشرق الأوسط، بمشاركة أمريكية مباشرة أو الإعراب عن الاستعداد للاشتباك مع روسيا من أجل الإطاحة بالأسد، ستكون وصفة مؤكدة للخسارة في الانتخابات.
كما أن الشيء الوحيد، الذي يمكن للأمريكيين الحصول عليه في سوريا أيضا، هو الرضا المعنوي، والفرصة للقول إنهم لو أرادوا لانتصروا. وبالتأكيد بعد مرور بضع سنوات سيصور هوليوود سلسلة من الأفلام حول الانتصارات البطولية للقوات الخاصة الأمريكية في سوريا على الروس والإيرانيين والسوريين. وسيكون الأغلبية من المواطنين العاديين في العشرينيات من القرن الحالي على ثقة بأن الولايات المتحدة انتصرت في الحرب السورية، كما يعتقدون بفوز الأمريكيين على الفيتناميين.
وفي نهاية المطاف، فإن الانتصار الحقيقي هو الجسدي ولا يكمن في واقع المعلومات الافتراضية، وفي الحرب السورية هذا النصر قريب. كما أن هذا النصر كان مفيدا من الناحية الاقتصادية، إذ منعت روسيا من خلال نجاحاتها في سوريا، بناء خطوط أنابيب الغاز من قطر إلى أوروبا، كما حصلت على فرصة تسويق رائعة، ساهمت في زيادة صادرات الأسلحة إلى الشرق الأوسط. وأثبتت للاعبين الإقليميين، مثل السعودية، فائدة وأمان الاتفاق مع الكرملين، على سبيل المثال السيطرة المشتركة على سوق النفط العالمية، لكن ذلك يبقى أمرا تافها على خلفية الضربات الأمريكية المحتملة من أجل الحملة الترويجية، التي لن تغير شيئا على أرض الواقع.