وقال الدكتور حمود في لقاء مع وكالة "سبوتنيك": إن جميع المناطق السورية التي وقعت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، خلال السنوات الثمان الماضية، تعرضت للتخريب والتدمير والنهب، عبر التنقيب، غير الشرعي، مقدرا عدد المسروقات بما لا يقل عن مليون قطعة أثرية نهبت من المواقع الأثرية، وهرب عدد كبير منها إلى خارج البلاد".
هدم وتجريف أثري
وتابع الدكتور حمود: "كان لمدينة تدمر الأثرية الحصة الأكبر من الخراب والتدمير, حيث تعرض معبد بيل للتدمير، بشكل نهائي، وحتى وإن أعيد ترميمه، فلا يمكن استعادة أكثر من 30 أو 40 % مما كان عليه، لأن معظم منحوتاته تحولت إلى بودرة ورماد, كما أن معبد بعل شمين وقوس النصر و8 مدافن برجية دمرت، بشكل نهائي، وهناك مدافن أثرية وتاريخية نهبت، كما أن المتحف الوطني بتدمر نهب، بشكل شبه كامل، حيث لم تتمكن المديرية من نقله بالكامل".
وأشار إلى أن المديرية بالتعاون مع الجهات المختصة نقلت 400 منحوتة أثرية من تدمر، تحت وابل من رصاص الإرهابيين، وبعد دحر الإرهاب قامت فرق المديرية بتقييم الأضرار، التي لحقت بأوابد تدمر، ونقلت العديد من المنحوتات المهشمة والمحطمة إلى المتحف الوطني بدمشق لترميمها، وأهمها تمثال "أسد اللات"، حيث تم ترميمه بمساعدة اليونيسكو والخبراء والفنانيين البولنيين، والمعروف أنه تم اكتشافه على يد البعثة البولونية، في العام 1977، وجرى ترميمه أكثر من مرة من قبلها.
اكتشافات جديدة
وأوضح الدكتور حمود أن ما لا يقل عن 140 بعثة أثرية أجنبية ووطنية كانت تنقب في كل المواقع الأثرية في سوريا، قبل عام 2011، وتوقفت جميعها عن العمل، بسبب الهجمات الإرهابية, باستثناء بعثة هنغارية واحدة تعمل في التنقيب والترميم في قلعة المرقب، بمساعدة المديرية العامة للآثار والمتاحف، كما تقوم بترميم قلعة الحصن بعد أن تعرضت أجزاء منها للدمار، في حين تستمر أعمال النهب والتنقيب غير الشرعية في مناطق أخرى، وخاصة في أرياف إدلب وحلب ومناطق شرق الفرات.
وأكد حمود: "ولدينا معلومات مؤكدة عن عثور مرتزقة أجانب على لوحات فسيفسائية أثرية في منطقة منبج، بعد أن تمكنوا من الدخول إليها، والقيام بأعمال تنقيب غير شرعية والكشف عن المواقع الأثرية بتسهيل من ميليشيا "قسد"، المدعومة أمريكياً والمجموعات الإرهابية المرتبطة بالنظام التركي، كما تستمر أعمال التنقيب، غير الشرعية، من قبل المجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا في منطقة عفرين وموقع النبي هوري بريف حلب، إضافة إلى العديد من التلال الأثرية"، موضحا أن الكثير من المواطنين الذين انتقلوا من إدلب الى مناطق سيطرة الدولة، أكدوا وجود خبراء أجانب للتنقيب عن الآثار يعملون في مناطق منبج وعفرين وإدلب والمواقع المحيطة بالرقة بالتعاون مع ميليشيات "قسد"، حيث تقوم بسرقة ونهب الآثار المكتشفة.
ووجه الدكتور حمود أصابع الاتهام بالوقوف وراء التدمير الممنهج للآثار والأوابد التاريخية في سوريا، إلى كل من تركيا وإسرائيل، وقال: "مخطئ من يعتقد أن تركيا تلخص دورها تجاه سوريا بتمويل الإرهاب المسلح، وتدمير البنى التحتية فقط، إذ أثبتت الوقائع أن تركيا تحمل في داخلها حقدا دفينا وثأرا تاريخيا لحضارة سوريا، لترتكب عمليات السرقة والتدمير للمباني الأثرية، في ظل تعتيم الوسائل الإعلامية الخارجية، وعدم تحرك المنظمات الدولية".
وأضاف أن عشرات آلاف القطع الأثرية تم تهريبها من سوريا إلى الأراضي التركية، وأن تركيا قامت بقصف معبد عين دارة في عفرين، لأسباب إيديولوجية لكونه كان معبدا وثنيا مكرسا لإله الجبل عند الشعب الآرامي، وحطمت موقع براد الذي يحوي ضريح القديس مار مارون، شفيع الطائفة المارونية، كما دمرت العديد من الأديرة، كاشفا أن لدى المديرية وثائق تثبت تورط رجال أعمال أتراك تواجدوا خلال سنوات الحرب في سوريا، ومولوا المسلحين لتدمير وممارسة التنقيب غير المشروع عن الآثار، في موقع دورا أوروبس على الفرات، وفي الصالحية قرب البوكمال بدير الزور، وهي مواقع هامة جداً ومميزة تعود للحقب الهلنستية والرومانية والبيزنطية، في وقت قام أشخاص إسرائيليون بالتسلل إلى المواقع نفسها، بهدف تخريبها ونهب الكنوز الأثرية منها، ونقلها إلى فلسطين، أو لبيعها في المزادات العلنية في أوروبا.
أياد ألمانية بيضاء تساعد
وأوضح الدكتور حمود أن الجهات السورية المختصة تتواصل مع الانتبرول الدولي، لاستعادة القطع الأثرية المسروقة والمهربة، وحتى الآن، لم تتم استعادة أي قطعة، إلا أنه هناك دعاوى قضائية وقانونية في بعض الدول وملاحقة لبعض الجهات ومتابعة للقضاء في تلك الدول، كبريطانيا على سبيل المثال، حيث نطالب بتمثال آشوري عرض للبيع بمزاد علني، وكان قد اكتشف الجزء الأول منه على يد بعثة ألمانية بدير الزور، والتي تساعد المديرية حاليا بإثبات هويته السورية, وفي تركيا هناك ما لا يقل عن 16 ألف قطعة، اعترفت السلطات التركية بتهريبها إلى أراضيها، إضافة إلى ما هو موجود في الأردن، الذي قال أنه سيعيدها إلى سوريا، في الوقت المناسب, على حين يعد لبنان الدولة الوحيدة التي تتعاون مع سوريا بهذا الشأن.