قال المحلل السياسي والباحث في الشؤون الجيوسياسية، نزار مقني، اليوم الأربعاء، إن مؤتمر باليرمو حول ليبيا قد يكون قاعدة مهمة للمضي في مسار سياسي يمكن أن يوصل ليبيا إلى مرحلة التسوية الشاملة، إلا أن هذا المؤتمر بقدر ما قدم نقاطا تنظيرية، اتفقت عليها كل الفعاليات السياسية الليبية، والفاعلين الدوليين، إلا أنه قد يصطدم مجددا بعدم إمكانية تنفيذها ميدانيا.
وكشف الباحث في الشأن الليبي لـ"سبوتنيك" أن قضية توحيد المؤسسة العسكرية ونظرة الفرقاء السياسيين والعسكريين للآخر سياسيا، مازالت هي المعضلة الأكبر لليبيين، موضحا أن خليفة حفتر أشار إلى أنه لن يسمح بانضمام المليشيات إلى المؤسسة العسكرية، ورفض الاندماج مع المليشيات المسلحة الموجودة في غرب ليبيا بوصفها بحسب نظرته، مليشيات إرهابية تنتمي سياسيا للإسلام السياسي، وفي الوقت نفسه ترفض المليشيات المكونة للدرع العسكرية الوسطى بمصراتة، بما فيها قوات البنيان المرصوص، وغيرها من الكتائب المكونة لمجلس مصراتة العسكري، وكذلك المليشيات المتمركزة بالعاصمة الليبية، الانضمام لكيان عسكري يضم حفتر، لافتا إلى أنهم يعتقدون أن حفتر غير صالح لأن يكون قائدا عاما للقوات المسلحة الليبية.
وكان القائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، قد التقى برئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، للمرة الأولى منذ أكثر من خمسة أشهر، على هامش مؤتمر باليرمو.
واستبعد المحلل السياسي، إنجاز انتخابات في ليبيا في الربيع القادم، خصوصا خاصة وأن الثقة بين الفرقاء الليبيين لم تتعزز بما يضمن التفاهم التام بينها حتى الآن من ناحية، فضلا عن عدم وجود تفاهم تام بين الفاعلين الدوليين حول الحل في ليبيا من جانب آخر، وقيام أطرافا دولية بدعم أطرافا ليبية على أطراف ليبية أخرى، وهو ما دلل عليه انسحاب الوفد التركي من مؤتمر باليرمو أمس، بحسب مقني.
وأعلنت تركيا، أمس، انسحابها من المؤتمر الذي عقد في المدينة الإيطالية باليرمو، معبرة عما وصفته بـ"خيبة أملها الشديدة" بعد استبعادها عن اجتماع عقد صباح أمس على هامش المؤتمر، وقال نائب الرئيس التركى، فؤاد أقطاي، الذى كان يمثل بلاده فى صقلية: "كل اجتماع يستثنى تركيا لا يمكن إلا أن تكون نتائجه عكسية لحل المشكلة".
وبخلاف الجانب العسكري، حدد مقني شروط نجاح مؤتمر باليرمو من الناحية السياسية، في أمرين، الأول نجاح المؤتمر الوطني الليبي الجامع الذي سبق ودعت له الأمم المتحدة، في الوصول إلى خطة سياسية تكون محل اجماع الفرقاء الليبيين في عدة محاور؛ أبرزها مسودة الدستور الليبي، وقانون الاستفتاء عليه وكذلك تعديل اتفاق الصخيرات، ومنه تعديل الإعلان الدستوري الليبي قبل التوجه إلى الانتخابات.
أما الشرط الثاني، بحسب مقني فهو القدرة على إنجاز انتخابات تشريعية ورئاسية، وتحديد الصلاحيات لكل منصب، وتحديد النظام السياسي القادم في ليبيا بما يضمن توازن السلطات، وكذلك شموليتها لكل أنحاء ليبيا.
وشدد المحلل السياسي على أنه بتوافر هاتين الشرطين، تكون توصيات مؤتمر باليرمو نقطة انطلاق لمسار سياسي للتسوية النهائية.