وأجمع كل من شاهد الفيلم، على أن مالك هو "العمل نفسه"، الذي كرس نفسه تماما لتجسيد شخصية المغني الأمريكي غريب الأطوار إلى حد التقمص، ما يجعلك تشعر أنه عاد للحياة مرة أخرى، سواء في مشاهده وهو يؤدي ويرقص على خشبة المسرح، أو حتى في الماكياج، وقيام مالك بتوسيع فمه بأدوات مزيفة، لكي يبدو أقرب في الشبه لميركوري، الذي كان يتسم بهذه الميزة، ومنحته صوتا أعمق وأقوى.
وقد لا تكون مفاجأة في عدم تناغم أحدث فيلم "بوهيميان رابسودي"، بسبب تعرض مخرجه "سينجر" للطرد من المشاركة في العمل، في نهاية تصوير مشاهده، بسبب غيابه عن الاستوديو في ذلك التوقيت، بحجة زيارته لصديق مريض، وإسناد شركة "فوكس القرن الـ 20" المهمة لديكستر فليتشر، الذي أشير إليه في الفيلم بأنه أحد منتجي الفيلم، بينما ظل سينجر هو المخرج الرسمي للعمل.
كما أن سيناريو الفيلم مر بالعديد من التغييرات، قبل أن يستقر في يدي، أنتوني ماكارتن، كاتب فيلمي "Darkest Hour" و"The Theory of Everything".
Bohemian Rhapsody was absolutely spectacular! Lifetime performance from Rami Malek. #FreddieMercury 🎙 pic.twitter.com/h0vG2w0TBZ
— Feras فراس (@FerasAlD) December 7, 2018
وبسبب هذا الخلل، فإن الفيلم يعيبه عرض لقطات خاطفة غير متزنة الإيقاع لحياة فريدي ميركوري، بداية من ميلاده لعائلة من زنجبار، والتحاقه بمدرسة داخلية في الهند، لكننا لا نحصل كمشاهدين سوى على تلميحات ضئيلة بشأن تراث عائلته، أو ما الذي جعله يرفضها ويتهرب منها، ثم تنتقل بنا الأحداث إلى بدايته من حمل الحقائب على مدرج مطار هيثرو، ثم إقناعه لكلا من عازف الغيتار بريان ماي (جيويليم لي) وعازف الدرامز روجر تايلور (بن هاردي) أنه مغني فرقتهما الجديد.
كما أنه كان من المتوقع أن نشاهد حقائق وخبايا جديدة عن المطرب الرئيسي لفرقة "كوين" الغنائية، ولكنك تشعر في في بعض الأحيان أنك تقرأ صفحة فريدي ميركوري من موسوعة "ويكيبيديا"، دون وجود بأي طرح جديد للشخصية، وفي أحيان أخرى تشعر وكأن المؤلف قام بعمل اختصارات لتفادي أحداث خارج الرواية الرسمية، باستثناء ما نعرفه بشأن تعاقد فريدي ميركوي إلى شركة "إي إم آي"، وقيامه بجولة حول العالم، وإصداره لألبوم غنائي مختلف، ومروره بالقليل من المشاكل الغريبة في تحقيق ذاته.
ويفتتح فيلم "بوهيميان رابسودي" أول مشاهده، قبل لحظات من أداء فرقة "كوين" لحفل "لايف هلب"، الذي أقيم في استاد ويمبلي في عام 1985، ليعود الزمن إلى الوراء عندما كان ميركوري في منتصف العشرينيات من عمره، ويعيش مع والديه في ضواحي لندن.
أما بالنسبة لنقطة الصراع في حياة ميركوري، والتي ألقى الفيلم الضوء عليها، فكانت في جلسات تسجيله لألبوماته ، وصراعه مع الالتهاب الرئوي المرتبط بالإيدز، الذي أودى بحياته في عام 1991 عن عمر 45 عاما.
Congratulations to @ItsRamiMalek on his @goldenglobes nomination for Best Actor in a Motion Picture — Drama. #BohemianRhapsody pic.twitter.com/S1i2tgZelQ
— Bohemian Rhapsody (@BoRhapMovie) December 6, 2018
كما يوضح الفيلم أنه على الرغم من كل حياة الصخب التي كان يعيشها ميركوري، إلا أنه كان يقضي الكثير من الوقت مع حبيبته ماري أوستن (لوسي بويتون)، وفي وقت لاحق، مع حبيبه الشرير، بول برينتر (ألن ليتش)، الذي نال معظم اللوم عن أي شيء سيء حدث لميركوري في حياته.
ويحسب للفيلم أنه التزم بالمسار المألوف في عالم موسيقى الروك، التي تشمل سحر الاستوديو، والدخول إلى كواليس الحفلات، ومشكلات المخدرات.
لقد هرب فيلم "بوهيميان رابسودي" في نهاية المطاف من سرد السيرة الذاتية القياسية، وكذلك من طريقة رواية القصص تماما، ولكن تظل قوة العمل الرئيسية في إيقاعاته وألحانه، ومن الحضور الرائع لبطل الفيلم رامي مالك، في شخصية فريدي ميركوري، وأدائه المذهل على خشبة المسرح، ما جعله ينال ترشيحا للفوز بجائزة أفضل ممثل رئيسي عن حفل جوائز "غولدن غلوب"، المقام في 6 يناير/كانون الثاني المقبل.