هذا من جهة، ومن جهة ثانية هل هذه خطوة لإعادة انتشار الإرهاب في منطقة شمال وشمال شرق سوريا؟
خاصة بعد أن بدأت مجموعات "داعش" الإرهابية بالانقضاض على قوات "قسد" في الوقت الذي أعلن فيه أردوغان تأجيل عمليته العسكرية المزعومة مصرحاً بأنه يدعم الحل السياسي في سوريا بالتعاون مع روسيا وإيران، هذا عدا عن الكثير من التعقيدات الأخرى التي ظهرت لجهة فهم وضع باقي القوات المتمركزة هناك سواء أكانت فرنسية أو بريطانية أو غيرها.
الذي يحضر له الأمريكي في واقع الأمر جراء هذه الخطوة التي انعكست قبل انعكاسها على سوريا على الداخل الأمريكي وبدايتها الحديث عن استقالة وزير الدفاع، وكذلك على القوى الإقليمية والدولية الأخرى بشكل عام.
ماذا عن دعوة فرنسا للأكراد لزيارة فرنسا، أو احتماء قوات "قسد بالفرنسي بدلاً عن الأمريكي؟
ماهي فرصة "داعش" بالعودة للسيطرة على منطقة الجزيرة؟
الرسالة التركية من تأجيل عملية شرق الفرات ؟
ملامح المرحلة القادمة في ظل هذه التطورات؟
حول ماهية القرار والتداعيات المتنظرة من ورائه يقول الكاتب والباحث السياسي والاجتماعي محمود صالح:
أصلا قرار ترامب بالانسحاب من الأراضي السورية هو قرار مفاجئ لجميع دول العالم ومفاجئ للأصدقاء الروس أيضاً، وهذا القرار لم يكن في الحسبان، لم يكن محسوباً على الأقل في هذه الفترة، وكما كانت المفاجئة الأكبر لشركاء الأمريكان وهم ما يسمون بقوات سورية الديمقراطية في هذه المنطقة، الحقيقة ترامب وضع العالم أمام استحقاقات جديدة، وتداعيات هذا القرار ستكون كبيرة ويمكننا أن نقول الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت على يقين أن هناك معركة مواجهة لابد منها بين الجيش التركي وما يسمى بقوات سورية الديمقراطية.
فيما يخص القرار، وهل اتخذه الرئيس ترامب بشكل منفرد ومفاجئ دون التنسيق مع أحد لإحداث فراغ عسكري وإحداث مواجهات على الأرض وإعاقة العملية السياسية يقول صالح:
نعم أعتقد أن القرار كان قراراً فردياً ولم ينسق ترامب مع أحد هذا القرار، والدليل على ذلك أن وزير الدفاع الأمريكي ذات نفسه لم يكن يعلم ما أدى إلى إعلانه عن استقالته وسيغادر منصبه قريباً ، لكن المسألة الأهم هنا، أعتقد أن ترامب وضع أمامه أو ربما الاستخبارات الأمريكية وضعت هذا التصور أمامه بأنه لا مفر من أن يكون هناك مواجهة بين الجيش التركي والقوات الأمريكية في حال بدأ التركي العملية العسكرية في شرق الفرات ضد ما يسمى بقوات "قسد"، فرد الرئيس الأمريكي لتجنب هذه المواجهة وقرر الانسحاب منها، هذا احتمال، وهناك احتمال آخر ربما هو أن الرئيس الأمريكي بدأ يشعر أنه يخسر الكثير من الأوراق في هذه المنطقة وأراد العودة إلى نقطة الصفر وإعادة تشغيل تنظيم "داعش" الإرهابي وهو لديه دراية بإمكانية عودة تنظيم "داعش" الإرهابي إلى هذه المنطقة وبسرعة خيالية وسد الفراغ الذي سيتشكل من خلال خروج القوات الأمريكية ليعيد خلط الأوراق من جديد كونه بدأ يخسر الكثير من قوته سواء في العراق أو في سوريا.
حول الدور الفرنسي المنتظر في المنطقة بعد الانسحاب الأمريكي وطريقة تعامل قوات "قسد" مع هذا المستجد يقول صالح:
"أنا أتفهم الموقف الفرنسي من الدولة التركية، لأن هناك عداء تاريخي بين الدولة التركية وفرنسا، يبدوا أن الفرنسيين يعتقدون أن الفرصة سانحة لهم حالياً للاستثمار في هذا الملف وتعويض العلاقة التي ستنتهي بين الأكراد والأمريكان، وهم وجهوا يوم أمس دعوة إلى ما يسمى "الإدارة الذاتية" في منطقة عين الجزيرة للتوجه إلى فرنسا للاجتماع والتنسيق. من جهة أخرى الرؤوس الحامية من الأخوة الأكراد يعتقدون أنهم قادرون على نقل البارودة من كتف إلى كتف لكن الحقيقة أنه لا فرنسا ولا غيرها يمكنهم تغير الكثير من المعطيات على الأرض في ظل التفاهمات ووجود دور روسي وإيراني أساسي في هذه المنطقة، ولا يمكن أن يسمح بتركها بيد الفرنسي أو غيره.
بما يخص مسؤولية قوات "قسد" عن ما يجري والموقف المطلوب منهم حيال ذلك يقول صالح:
نحن نتمنى على الأخوة الأكراد أن يعوا هذه المسالة وكما خذلهم الأمريكان في أكثر من محطة نحن على يقين بأن الفرنسي لن يكون أحسن وضعاً من الأمريكان وفي حال لم ينتبهوا لهذا الأمر لا سمح الله وعادت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على هذه المنطقة ستكون النهاية للوجود الكردي هناك.
للأسف هناك فرصة كبيرة لعودة تنظيم "داعش" الإرهابي الى هذه المناطق وأنا لا أروج لهذه الفكرة ولهذا التنظيم الإرهابي، ولكن هناك حقائق بوجوده على أرض الواقع حيث أن أهالي المنطقة يعلمون أن هناك الآلاف من عناصر التنظيم وممن يتبنون هذا الفكر يتواجدون بين ثنايا ما يسمى "قوات سورية الديمقراطية" وبأي لحظة يمكنهم السيطرة على هذه المنطقة، لكن في الحقيقة عودة تنظيم "داعش" الإرهابي إلى السيطرة على هذه المنطقة وارد جداً ولا توجد أي مصلحة للدولة السورية أو للأخوة الأكراد بعودة هذا التنظيم الإرهابي .
بالنسبة لملامح المرحلة القادمة وإلى أين يمكن أن تؤول الأمور يقول صالح:
في حال وعي الأخوة الأكراد إلى خطورة المرحلة القادمة واتخاذهم القرار بالوقوف إلى جانب الجيش العربي السوري ستعود جميع هذه المناطق إلى ما كانت عليه قبل عام 2010 وهناك مصلحة حقيقية للجميع وهذا ما سيحصل في نهاية المطاف سواء الآن أو بعد سنوات، وفي حال عدم تفهمهم وعدم اختيارهم لهذا الطريق وذهابهم نحو المضي مع الفرنسي أو غير الفرنسي أعتقد أن الأمور ماضية إلى مزيد من التعقيد وهذا لن يخدم إلا الأتراك والأمريكان بالمجمل وسيعود بالدمار على أبناء كل تلك المنطقة.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم