الجميع يكسب من وراء هذا الصراع الدامي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كل أنواع الأسلحة والميليشيات والجيوش تواجدت في اليمن، تمت القسمة بين من تزعموا المشهد في ظاهرة قد تشكل مشهدا غير معهود وعصرا عربيا يحمل مفاهيم جديدة… حول الصراع بين أبناء محافظة المهرة، ثاني أكبر المدن اليمنية بعد حضرموت، والقوات السعودية والاعتصام المفتوح… أجرت "سبوتنيك" المقابلة التالية مع أحمد بلحاف الناشط الإعلامي وعضو اللجنة الإعلامية للاعتصام السلمي بمحافظة المهرة، فإلى نص اللقاء…
في المهرة مجتمع قبلي متماسك ولكن ليس إلى درجة تقويض مؤسسات الدولة، بل هو داعم لمؤسسات الدولة الشرعية، وقد رفض أهالي المهرة أية وصاية عليهم من جانب التحالف في بداية الحرب على "الحوثيين" كما يقولون.
التماسك القبلي والمجتمعي هو الذي ردع السعودية وكبح جماحها عن تنفيذ أجندتها أو الفتك بأبناء المهرة، وهي تعمل جاهدة لفك هذا التماسك ولكنها لم تفلح في ذلك حتى الآن.
سبوتنيك: ما زلتم تواصلون اعتصامكم الذي بدأتموه منذ شهور قليلة… ما هي أهداف هذا الاعتصام؟
الاعتصام الموجود له أهداف معينة وبعض تلك الأهداف هو خروج المليشيات التي أسستها السعودية، وهي من خارج محافظة المهرة إضافة إلى ضباط وجنود سعوديين في معسكرات منتشرة على الساحل وفي الخط الصحراوي، تلك المليشيات تعمل خارج مؤسسات الدولة الشرعية، والاعتصام الذي نحن فيه هو مدني حظي بدعم شعبي وقبلي وأحزاب سياسية داعمه لأهداف ومطالب الاعتصام السلمي التي أعلن عنها في محافظة المهرة، الاعتصام السلمي يدعم الشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس هادي، ويدعو القوات السعودية إلى العودة إلى أهداف التحالف العربي المعلن عنها ويطالب بدعم مؤسسات الدولة الشرعية في محافظة المهرة، وأن يقوم التحالف بدعم الأمن والاستقرار في محافظة المهرة وليس تقويض المؤسسات الشرعية.
نحن ندعم الحكومة الشرعية لأننا لسنا محسوبين على الجهات "الانقلابية" والتي أعلن التحالف عن محاربتها ودعم الشرعية، لكن على أرض الواقع نرى عكس هذا من جانب التحالف ونرى أن السعودية تعمل على تقويض مؤسسات الدولة، لهذا نرى أنها لا تختلف كثيرا عن "الحوثيين" الذين طردوا هادي من صنعاء وطاردته إلى عدن ثم خروجه من الأراضي اليمنية، فقد كنا نحسن الظن بالرياض وما زلنا نأمل من القيادة السعودية أن تعود إلى رشدها ولا تستغل ظروف الحرب وضعف اليمنيين، والمعلومات التي تصلنا أن حكومة الشرعية تتعرض لضغوط كبيرة من جانب الرياض، ونحن كشعب نساند الشرعية ونقف معها ونطالب دول المنطقة ذات العلاقة بالشأن اليمني مساعدة الشرعية حتى تعود الأمور إلى نصابها في الجمهورية العربية اليمنية.
سبوتنيك: هل هناك أهداف أخرى للتحالف في المهرة بخلاف عودة الشرعية؟
السعودية تعمل على تثبيت وضع معين تريده في المهرة منذ فترة ليست بالقريبة، ولكنها سارعت في الفترة الأخيرة.
فقد عملت على التفريق بين أبناء المهرة على الشريط الحدودي وعملت على خلط الأوراق وكأن محافظة المهرة جزء من أراضي السعودية جغرافيا، كما تفعل الإمارات في سقطرى والتي تدعي أنها تتبع الإمارات تاريخيا، وتهدف السعودية من وراء ذلك إلى فتح ممر على البحر العربي ومد أنبوب النفط وليصبح للسعودية منفذ على البحر العربي عبر محافظة المهرة.
سبوتنيك: منذ متى بدأ الاعتصام؟
الاعتصام السلمي بدأ في منتصف مايو 2018 كإعلان رسمي للاعتصام السلمي، لكن كرفض شعبي عفوي جماهيري بدأ منذ اللحظات الأولى لدخول القوات السعودية في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، عندما قدمت القوات السعودية إلى مطار "الغيظة" في منتصف الليل دون علم من الشرعية أو قيادة السلطة المحلية بقيادة الشيخ محمد عبد الله محافظ المهرة وقتها، واعترضت القبائل والشخصيات السياسية على وصول تلك القوات بالقوة ورفضت دخولها إلى مطار الغيظة، نظرا لأنه لم يتم أي تنسيق، وتدخل وقتها الرئيس هادي، ومنذ هذا التاريخ وأبناء المهرة يرفضون كل ما لا يخضع للحكومة الشرعية أو يتم تنسيقه مع السلطات المحلية في المحافظة.
تدار الأوضاع عن طريق ضباط سعوديين من داخل مطار "الغيظة" ولديهم محافظ موالي لهم ليكون جسر عبور للأجندة السعودية في المهرة، وكل الملفات المتعلقة بالخدمات وحتى التعيينات في درجة مدير عام لا بد أن تكون هناك موافقات من اللجنة الخاصة المعنية بالملف اليمني في الرياض والتي تتكون من ضباط الاستخبارات السعوديين، هذا الأمر فيه انتهاك للسيادة وللمواطن اليمني، وحتى على المنافذ الحدودية مع سلطنة عمان، أصبحت القوات السعودية هى من تحاول أن تدير الأمور، ووصل الأمر إلى منع البضائع العمانية من الوصول إلى المهرة، الأمر الذي تسبب في الكثير من الضرر للتجار والمواطنيين بسبب تلك الإجراءات التعسفية من جانب الإدارة السعودية في محافظة المهرة.
سبوتنيك: هل توجد لديكم إدارة شعبية تتواصل مع تلك الجهات… أم أن الإدارة خارجية كما قلتم؟
هناك فجوة في السلطة المحلية التي هي منتخبة من الشعب، حيث تم تجميد صلاحياتها، وأصبح المحافظ الموالي للرياض هو الذي يدير الأمور، وهناك لقاءات تجري بعض أعضاء السلطات المحلية في مديريات المحافظة للخروج بمكون شعبي يمكنه إدارة الأمور والتخاطب مع الحكومة الشرعية من خلالها.
سبوتنيك: منذ بدء اعتصامكم… هل تعرضتم لمضايقات من جانب القوات السعودية؟
لم يمض سوى شهر على قدوم القوات السعودية إلى المهرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 حتى قامت بدعم الجماعات الدينية المتشددة بكل الصور.
لكن أبناء المهرة وقفوا أمام هذا مشروع إقامة مركز لتدريب الجهاديين في المهرة من اليمنيين وجنسيات أخرى، كانت الخطوة التالية هي دعم المحافظ الموالي لها لجلب مليشيات من خارج المحافظة من الطلوبين أمنيا والمسجونيين وهم بأعداد كبيرة الآن في مطار الغيظة، وهؤلاء من تدفع بهم الرياض لمواجهة المعتصمين أو أي تجمعات أخرى، بحيث يكون هؤلاء هم الصف الأول ويقوم ضباط سعوديون بإدارة العمليات من داخل المدرعات المرافقة لهم.
سبوتنيك: وماذا عن الدور الإماراتي في تلك الأزمة وهو شريك في التحالف؟
وبموجب أهداف التحالف المعلن عنها في بداية الحرب، فقد وصل فريق إماراتي إلى المحافظة في منتصف عام 2015 تحت مسمى "الهلال الأحمر" الإماراتي، وبدأ يعمل بشكل مختلف وخارج عن عمل المنظمات التي تعني بالشأن الخيري والإنساني، ففي نفس الوقت الذي يتحدثون فيه عن العمل الخيري الإنساني يقومون بتجنيد المليشيات.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب