وبالتالي يأتي هذا المشروع بعد العجز الأمريكي في استخدام ورقة الترهيب والترويع بالقتل وجز الرقاب، حيث تلجأ الولايات المتحدة مجددا اليوم إلى ممارسة الإرهاب الاقتصادي من خلال الحصار وتضييق الخناق على شعب اختار الصمود في وجه الإرهاب الأمريكي المدعوم دوليا وإقليمياً لتحقيق مصالح خاصة ضيقة على حساب سيادة الدولة السورية ودماء شعبها.
للحديث حول قانون العقوبات الاقتصادية الجديد القديم "سيزر" الذي تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تنفيذه ضد الشعب السوري استضاف برنامج "ماوراء الحدث"، الباحث بالعلاقات الدولية والخبير بالشؤون الاقتصادية الدكتور عوني الحمصي.
فإليكم نص الحوار:
ماهي حقيقة قانون "سيزر" المعروف بـ"قيصر"، وفي أي إطار من العقوبات يأتي، وما هي الغاية والأهداف المراد تحقيقها منه؟
أولا القانون قديم جديد وهو مطروح من العالم 2014، لكن الجديد فيه المدد الزمنية الجديدة بدل من سنتين مدد إلى عشر سنوات، هذا القانون مبني على الكذب والفبركة لأحد المعتقلين الذي أطلقوا عليه اسم "قيصر" أو الضابط المنشق الذي لم نقرأ عنه في أي مكان، والذي قدم 55 ألف صورة عن ما يدعى ممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا، ولم تظهر أية معلومات أخرى في أي مكان توضح هذه الكذبة أو شخصية هذا الرجل الوهمية للمعتقل الذي لا أحد يعلم كيف التقط كل هذه الصور وهو قيد الاعتقال.
ويواصل الدكتور الحمصي حديثه بالقول
من يتابع هذه السياسة غير الناجعة في كثير من الممارسات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكي التي حاولت ممارستها على الكثير من الدول كروسيا وإيران وفنزويلا، يرى أنها فاشلة إلى حد كبير و لم تجدي نفعاً، بل زادت في معانات الشعوب ومأسيها بصورة لم يشهدها التاريخ الحديث من التعجرف والعنف والعنجهية وإستعراض القوة ونهب مقدرات الشعوب ومحاولات إسقاط حكوماتها.
بالمقابل اليوم، يمكننا القول أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست كل العالم فمع تشكل التحالفات السياسية الجديدة والصاعدة في العالم والقائمة على مبدأ الشرعية الدولية نشهد متحولات هامة في مواجهة الهيمنة الأمريكية، فنرى هناك إصطفافات مشروعة في الإقتصاد الدولي القائم على مبدأ الإحترام المتبادل للمصالح الإقتصادية بين الأطراف الإقليمية والدولية الناشئة حالياً كالبريكست وشنغهاي والإتحاد الأوراسي، جميعها عانت وتعاني من الحصار الإقتصادي والإرهاب الإقتصادي الجائر التي تمارسه الولايات المتحدة وحلفائها على شعوب العالم للإبقاء والحفاظ على الهيمنة الأمريكية كقطب أوحد وقوة إقتصادية وحيدة في هذا العالم.
ماهي تفاصيل القانون الأمريكي الجديد "قيصر" وما هي الآمال الأمريكية المعقودة عليه كرأس حربة جديدة ضد الدولة السورية بالتحديد وفي هذا التوقيت بالذات؟
وأردف الدكتور الحمصي قائلاً:
لابد من الإشارة هنا إلى تخوف الولايات المتحدة من إبعادها من أي مكسب في عملية إعادة الإعمار، وبالتالي الخروج من أي هدف سياسي أو إقتصادي "منطق العقل يفرض ذلك"، وخاصة بعد التصريح الرسمي السوري بأنه لن يكون لأي طرف ساهم في الحرب الكونية على سورية ودعم الإرهاب دوراً في مرحلة إعادة الإعمار بعد ثمان سنوات من الحرب، وبالتالي تعطيل الإنتصار الإقتصادي، مايعني أنها تريد الضغط لأجل أن يكون لها دوراً ما في إعادة الإعمار وخاصة أن القانون سمح للرئيس الأمريكي أن يلغي العقوبات على أساس كل حالة على حدا، كما يمكن تعليق العقوبات.
ما هي دقائق ومحاور ما ينص عليه هذا القانون؟
ثانياً: فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة يتعامل مع الحكومة السورية أو يوفر لها التمويل أو يتعامل مع المصارف الحكومية بما فيها المصرف المركزي السوري.
ثالثاً: استخدام سياسة التجويع كسلاح ضد المدنيين وليس لصالح وحماية المدنيين كما يدعون، وهي لا تميز بين مؤيد ومعارض حتى الفكرة لم تكن موجودة بالأساس، وما هي إلا تكرار لمآساة حصار العراق (1990 ـ 2002)، واستنساخها في سورية".
ما الذي تريد تحقيقه الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد جرّاء تجديد هذا القانون وضمن أي حدود؟
أولاً: تريد تصعيد الإرهاب المجتمعي لأن الولايات لا يهمها بأي شكل من الأشكال حماية المدنيين أو الحفاظ على الأمن والإستقرار في أي بقعة جغرافية على كلمل الكرة الارضية، وبالتالي هذه السياسة التجويعية في إستخدام الحصار والعقوبات الإقتصادية هي في الحقيقة جزء من سياسية الولايات الامريكية غير الناجعة وغير الشرعية ضد دول العالم وشعوبه.
ثالثاً: إيجاد حالة من الإحباط الدولي والإقليمي والمحلي- وخاصة لدى الشارع السوري- وهز الثقة بين المواطن والحكومة لكون هذا السلوك يعتبر أحد مرتكزات السياسة الأمريكية في تعميق الفجوة بين ما يمكن أن يكون وما هو كائن على أرض الواقع ، ناهيك عن عملية تقويض النصر الكبير على أعتى مشروع أمريكي تفتيتي للمنطقة، مع الأخذ بعين الإعتبار التدمير الممنهج للبنى التحتية في عدة محافظات ومناطق سورية مختلفة ،وما مدينة الرقة التي مسحت عن وجه الأرض تقريباً إلا مثال حي على ذلك بمالايقبل الشك أو الإنكار.
رابعاً: تسعى الولايات إلى تحقيق مكسب وإنتصار سياسي وإقتصادي للجمهور الداخلي في الولايات المتحدة بعد جل الهزائم في المنطقة كما هو الإنسحاب المبهم
خامساً: تحاول الولايات الإمساك بالعصا من الوسط في هذا القانون من خلال السماح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن يلغي العقوبات على أساس كل حالة على حدا، كما يمكن تعليق العقوبات إذا جرت مفاوضات هادفة في المستقبل تمكن الولايات المتحدة من إعادة توزيع الكعكة الإقتصادية مع الأطراف الدولية الأخرى، لاسيما المشاركة في إعادة الإعمار.
كيف يمكن للدولة أن تواجه هذا التصعيد، ماهي المقومات الموجودة لدى الدولة السورية، أو بالأحرى المطلوبة للمواجهة والتي من شأنها أن تفشله أو تحد من آثاره وتأثيراته على أقل تقدير؟
أما لجهة المقومات التي يجب توفرها والإمكانات اللازمة من أجل تدعيم القدرة على مواجهة هذه العقوبات فلابد من تحقيق الآتي:
أولاً: وضع خطة وطنية لتدعيم صمود الشعب
ثانياً: تخفيف القيود عليه ودعم المقومات المعيشية اليومية لتعزيز مقومات وركائز الصمود
ثالثاً: إعتماد سياسة الإكتفاء الذاتي ولدينا تجربة في ثمانينيات من القرن الماضي يمكن الإستفادة منها
رابعاً: الحفاظ على الخبرات الوطنية وتشكيل الجيش الإقتصادي في مواجهة الحصار والعقوبات المفروضة على الشعب السوري
خامساً: العمل على فضح المرحلة الراهنة من سياسية التجويع والحصار الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية للرأي العام العالمي
سادساً: الضغط في المحافل الدولية من قبل الدول الصديقة على هذه السياسة الظالمة وأحادية الجانب
سابعاً: الإسراع في تفعيل الإتفاقيات وتوثيق عرى العلاقات الإقتصادية البينية والعمل على جذب رؤوس الأموال والإستثمارات الصديقة.
أجرى الحوار نواف إبراهيم