عربيا مر على حكم الملك فهد الكثير من الحوادث في منطقة الشرق الأوسط، أبرزها حرب الخليج الأولى والثانية، حرب اليمن، الاجتياح الإسرائيلي للبنان وغيرها، لكن هذه الأحداث لن تثن القيادة السعودية على تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت كذلك مطبات مختلفة، كان أبرزها حادثة مرتبطة بالسفير الأمريكي في المملكة، هيوم هوران.
غضب الملك الفهد أوصل السعودية إلى الصين
شكل قدوم السفير الأمريكي الجديد، هيوم هوران، إلى المملكة حدثا فريدا من نوعه في العلاقات السعودية الأمريكية، فخلال حكم الملك فهد بن عبد العزيز دخلت العلاقات منعطفا خطيرا، ففي مذكراته كتب السفير الأمريكي عن عمله في المملكة الذي انتهى بعد 9 أشهر من تعيينه وذلك بسبب غضب الملك السعودي من تصرفاته وقراراته.
بدأ كل شيء بعد وصول معلومات استخباراتية للأمريكيين تفيد بأن هناك تواصل سري بين الأمير السعودي بندر بن سلطان والقيادة الصينية حول صفقة أسلحة تتضمن صواريخ. فالخطوة السعودية جاءت بعد رفض الأمريكيين بيع 60 طائرة من نوع "إف —15" للسعوديين مع صواريخ جو-حو.
هذا الأمر دفع القيادة السعودية إلى فتح قنوات تواصل مع الصين للتوصل إلى صفقة صواريخ أرض — أرض. وبعد تلقي الأمريكيين للمعلومات عن زيارة بندر إلى الصين بشأن الصقة الصواريخ أدى الأمر إلى بلبلة ومخاوف إسرائيلية من الصفقة التي قد تكون تهديدا صريحا لها بالإضافة الى الصدمة الأمريكية من تواصل السعوديين مع الشيوعيين الذين كانوا ألد الأعداء للأمريكا.
تحرك السفير الأمريكي هوران والتقى بندر بن سلطان وقال الاخير له " لقد سئمنا من رفضكم وعدم تجاوبكم معنا والأن نحاول بعث بإشارات لكم أنه سيكون لنا نظام صاروخي خاص بنا".
بعد اللقاء قام السفير بإرسال التقرير المفصل لإدارته في واشنطن والتي طلبت من هوران مقابلة الملك فهد بسرعة وخلال اللقاء يسرد هوران التالي " لقد أفهمت الملك أنه تبلغنا الضمانة ورحبنا بها وطلبنا معلومات دقيقة عن الصواريخ ومدها وكيفية استخدامها في المستقبل من قبل القوات السعودية".
كان حديث السفير حادا مع الملك السعودي الذي بدى منزعجا وغاضبا وصرف السفير من اللقاء، وبعد يومين تلقى السفير توبيخا من إدارته الأمريكية في واشنطن حول ما قيل من قبله للملك. هذا الأمر أحدث بلبلة في العلاقات السعودية الأمريكية لدرجة أن واشنطن أرسلت مبعوثها الخاص فيليب حيبيب لتهدئة الأمور.
لكن اللقاء الذي جمع الطرفين وكان السفير من ضمن الوفد الأمريكي جعل الأمور تتعقد أكثر من قبل حيث انفجر الملك غضبا متهما السفير بالتدخل السافر في شؤون المملكة وقضية الصواريخ وقال الملك فهد حرفيا " إن كان لسفيركم جذور إيرانية فليبقيها في نفسه" (نظرا لكون والد السفير الأمريكي كان دبلوماسيا إيرانيا في زمن شاه إيران) وختم الملك قائلا " الاجتماع انتهى".
بعد ذلك الاجتماع وردت تقارير من الخارجية الأمريكية عن الجلسة التي وصفها الأمريكيون بالأعنف لملك سعودي تجاه كل الوفود الأمريكية التي زارت الملك تاريخيا، وبعد أيام قليلة وصلت برقية دبلوماسية من الخارجية تطلب من السفير الأمريكي العودة إلى الولايات المتحدة بعد قرار بتعليق عمله في الرياض ولإيجاد دولة أخرى يعمل فيها.
وجاء في مضمون البرقية التالي: "الولايات المتحدة لن تفرط بعلاقاتها مع السعودية من أجل سفير".