أعلنت وكالة "سانا" على لسان مصدر عسكري، أن الدفاعات الجوية السورية، تصدت لعدوان جوي إسرائيلي، يوم أمس، استهدف بعض المواقع في المنطقة الصناعية في حلب، وأسقط عددا من الصواريخ، فيما اقتصرت الأضرار على الماديات فقط.
سبب الاعتداءات المتكررة على سوريا
في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم (28 آذار/ مارس) يرى الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد تركي الحسن أن الأمر هو ضمن سياق الاعتداءات المتكررة من قبل إسرائيل على سوريا، ويتابع: باعتقادي إن هذا الامر هو جزء من سياسة إسرائيل المستمرة في استهداف المواقع السورية، من خلال ضربات تكتيكية، وهي تقوم بهذه الضربات بحيث تكون مؤثرة في مواقع محدودة، وتكون محدودة الزمان والمكان، وتسهتدف ضرب القدرات العسكرية أو شبه العسكرية، لتؤدي إلى تأخير أو إضعاف القدرات السورية.
اسرائيل تعتدي بشكل مستمر منذ بداية عام 2013، واختلفت عمليات الإعتداءات بين مرحلة وأخرى، والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل، الأولى حينما كانت تعتدي إسرائيل من دون رد، والثانية حينما تم الرد على هذه الاعتداءات فوق الأراضي السورية، والمرحلة الأخيرة حينما أصبح الرد السوري على اعتداءات إسرائيل فوق الأجواء السورية واللبنانية.
#عاجل
— المقاتل وسيم عيسى (@wassim_syrian) ٢٧ مارس ٢٠١٩
عدوان "اسرائيلي" على المنطقة الصناعية في الشيخ نجار شمال شرق #حلب، أدى إلى انفجار مستودع ذخيرة واقتصرت الأضرار على الماديات. pic.twitter.com/0JQqQZK9Qj
أما الخبير العسكري عمر معربوني من لبنان فصرح "لسبوتنيك" اليوم، بأن هذه الضربات هي بسبب الانجازات العسكرية التي حققها الجيش السوري والقوات المتحالفة معه، وتحريره جزء كبير من الأراضي السورية، ويقول: نحن اليوم أمام متغيرات كبيرة وجذرية في ميزان القوى، ليس فقط بما يتعلق بالمجموعات الإرهابية، بل بما يرتبط بالكيان الصهيوني نفسه، وأهم هذه المتغيرات هي عملية الربط التي حصلت بين الحدود السورية والعراقية، والتي تؤمن منحنى يميل تصاعديا، لصالح سوريا ومحور المقاومة.
أعتقد أن الهدف من هذه الغارات هي توجيه رسالة لسوريا وحلفائها، بأن إسرائيل قادرة على استهداف العمق السوري في أي وقت تريده، والمسألة الثانية هي تثبيت قواعد الاشتباك بما يلائم المصلحة الإسرائيلية.
ويضيف معربوني: من المؤكد أن هذه الغارات ستستمر في محاولة لفرض قواعد اشتباك تغيرت بموجب ما يحدث في سوريا، وتحاول إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة فرض واقع جديد يرتبط بطروحات سياسية مرتبطة بشكل أساسي بصفقة القرن، وهذا يتواكب مع مجموعة من الإجراءات كضم الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وعمليات التطبيع المكشوفة من قبل بعض الأنظمة العربية.
فيديو جديد للعدوان الاسرائيلي على المنطقة الصناعية في منطقة الشيخ نجار بريف #حلب الشمالي الشرقي أدى لانفجار مستودع ذخيرة واقتصرت الأضرار على الماديات#سوريا pic.twitter.com/TRNcJZ1nw6
— nbnlebanon (@nbntweets) ٢٧ مارس ٢٠١٩
أما المحلل العسكري العميد سمير راغب من مصر في حديثه مع "سبوتنيك" اليوم، يعتقد بأن إسرائيل تحاول تعطيل استعادة الدولة السورية لقوتها، ويؤكد: كلما حقق الجيش السوري انتصارات، تقوم بعملية لتضع الحكومة السورية في موقف محرج، بأنها تتعرض لاعتداءات ومطاراتها تتعرض للقصف، مع أن إسرائيل لا تحقق أي مكاسب عسكرية منها، بل هي فقط تحاول عمل حملة إعلامية مقابل الانتصارات على الإرهاب، وتحاول إرسال رسالة بأنها تقوم بأعمال دفاعية فقط، وأن العداء هو ليس مع سوريا بل مع الوجود الإيراني في المنطقة.
أعتقد أن الضربة الأخيرة هي فقط للتغطية على اعتراف ترامب السيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، وعمل تشتيت إعلامي في قضية أخرى، بعيدا عن القضية الأساسية التي كان يناقشها مجلس الأمن في ذلك الوقت.
حجة الضربات
أما عن حجة هذه الاعتداءات المتكررة فيقول العميد تركي: إسرائيل ليست بحاجة إلى حجة ويمكن أن تضرب في أي مكان، في البدء كانت تقول أنها تضرب شحنات أسلحة تسلم إلى المقاومة، ثم تقول أنها تستهدف مواقع إيرانية، ثم تقول أنها تستهدف مواقع للمقاومة أو سورية بقدرات، وهي تعمل على إجهاض هذه القدرات، بالتالي هي تبرر هذه الضربات بشكل دائم كما ترى هي، وأرى أنه بضربها في الشمال تريد أن تعطي انطباعا سلبيا أكثر من ضرباتها في الجنوب.
اعتراض الصواريخ التي أطلقتها إسرائيل يدل على أن لدى سوريا القدرة على حماية مراكز التجمعات والأهداف الحيوية، والوسائل الدفاعية موجودة في حلب كما في وسط سوريا والساحل والجنوب.
أما الخبير العسكري من لبنان فيعتبر أن العنوان الأساسي الآن هو مواجهة إيران ومن يتحالف معها، ويوضح: المصادر الإسرائيلية أكدت أن الأهداف التي قامت إسرائيل بضربها هي أهداف إيرانية، وقوى مدعومة من إيران، لكن بتقديري المشكلة الأساسية هي شعور إسرائيل ككيان أنها في حالة خطر نتيجة المتغيرات الكبيرة، فالهدف الأساسي من الحرب على سوريا هو الوصول إلى مرحلة تفتت سوريا، وتحويلها إلى إمارات متناحرة، لكن النتائج الآن بموجب الصراع القائم أصبحت مغايرة، فسوريا تتعافى الآن، وهناك عملية ربط أسس لطريق استراتيجي من طهران إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا، والولايات المتحدة مع إسرائيل تعملان على إعادة الأمور بالحد الأدنى إلى توازنات تناسب مصالحهما.
بالامس اعلنوا ضم الجولان ، اليوم وصلوا بطائراتهم الى #حلب!!
— Mihyar Sa ⚽🏆🇸🇾 (@Mhyar95) ٢٧ مارس ٢٠١٩
اشم رائحة حرب وشيكة قريبة جدآ في المنطقة!!#Syria pic.twitter.com/Hbhrk0nf4a
أما الخبير العسكري غريب من مصر فيرى أن إسرائيل تريد إيصال فكرة بأنها قادرة على تعطيل الدولة السورية، ويبين: إسرائيل تضرب في الشمال والجنوب ومحيط دمشق، والأمريكي والأوروبي لا يرغب بأن تعود سوريا إلى سابق عهدها من القوة، وإسرائيل لم توجه أي ضربة للعناصر الإرهابية الذين كانوا ينشطون على خط التماس معها، وهذا يثير الكثير من الشكوك حول مقولة إسرائيل بأنها تحارب الإرهاب، خصوصا أنها لم تشارك في أي ضربات مع التحالف الدولي في الحرب على داعش، فإسرائيل مخططها واضح، وكل من يراهن على السلام، يأتي قرار ضم الجولان ليؤكد على أن أمريكا لن تساعد في استعادة حدود ما قبل 5 حزيران/يونيو، عدا عن حدود التقسيم وعام 48.
علاقة الضربات الجوية المتكررة بتخلي سوريا عن السلاح الكيميائي
وحول علاقة ازدياد الضربات الإسرائيلية على سوريا بتخلي الأخيرة عن سلاح استراتيجي كان بحوزتها وتخلت عنه قبل سنوات قليلة، يقول العميد تركي الحسن: سوريا تخلت عن السلاح الكيميائي، وهي عندما أنشأته واقتنته كان بهدف الردع وليس للاستخدام، وبالتالي التخلي عنه جاء عن قناعة كاملة، وضمن ظروف محددة، فسوريا كانت قريبة من التعرض لعدوان، والسلاح الكيميائي لم يكن ليستخدم حتى لو بقي بحوزة سوريا، وأعتقد أن الإسرائيلين هم من يجب أن يسألوا عن خوفهم من السلاح الكيميائي، فهم من يمتلكون السلاح الكيميائي والنووي والجرثومي، وليس السوريين، وباعتقادي هذا الاستهداف غير مرتبط بالسلاح الكيميائي أو حتى النووي.
مبارح غزه واليوم #حلب وغداً بإذن الله ما بعد " تل أبيب" النصر قريب ✌ pic.twitter.com/SuqN0LwLxI
— Rita 🏴 (@Ritayamahdiadrk) ٢٧ مارس ٢٠١٩
ويعتبر الخبير اللبناني أن قواعد الحرب قد تغيرت في الزمن الحديث، وأن السلاح الكيميائي ليس بذي أهمية كبيرة في الوقت الحالي، وأوضح: لا يشكل السلاح الكيميائي رادعا أساسيا بما يرتبط في الصراع القائم، لأن مفاهيم الحرب والمواجهة تغيرت كثيرا، ونحن منذ عام 2006 بشكل أساسي بتنا أمام تجارب واضحة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية في استخدام صواريخ أرض — أرض، والتي تؤثر بشكل كبير في مسألة الردع، والجميع يدرك أن سوريا تمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ، وقادرة على تشكيل تهديد جدي وحقيقة لطبيعة وجودية إسرائيل، وليست في إطار معركة محددة فقط، والسلاح الكيميائي كان يمكن أن يشكل قوة ردع في العقود الماضية، لكن هناك متغيرات في مفاهيم الحرب، وفي الوسائل القتالية التي تستخدم في الحروب.
أما الخبير العسكري المصري سمير فيخالف رأي المحلل اللبناني، ويقول: لا شك أن إسرائيل أصبحت أكثر جرأة في الاعتداء على سوريا بعد التخلص من السلاح الكيميائي، وكل نظام يقدم تنازلات يذهب إلى الأسوء، ورأينا ما حدث في العراق، وسقوطه بعد السماح للمفتشين الدوليين بدخول أراضيه، عندما استجاب للعقوبات، لكن سوريا لم تخطئ بالتخلي عن السلاح الكيميائي، ففي ذلك الوقت كان الرئيس الأمريكي أوباما قاب قوسين أو أدنى من اتخاذ قرار بضرب سوريا، وهذه الخطوة تحسب للدبلوماسية السورية، لأنها حافظت على الدولة السورية، حتى لو كانت هناك بعض الخسائر، وبالمناسبة ما يمكن أن تتخلص منه في سنة يمكن أن تصنعه في شهر فقط، القضية الأهم هنا هي المعرفة.