قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن "الاتحاد الأوروبي حذر إيران سرًا من أنه سيضطر للبدء بالانسحاب من الاتفاق النووي في نوفمبر المقبل إذا مضت طهران في تهديدها باتخاذ خطوات جديدة تنتهك بنود الاتفاق".
وفي ظل الحديث عن انفراجة كبيرة في الأزمة القائمة، جاءت التحذيرات الأوروبية لتطرح عدة تساؤلات مفاداها: هل يمكن لأوروبا الانسحاب من الاتفاق، رغم جهود التسوية التي تقودها، ولماذا تلك التهديدات في هذا التوقيت؟.
قال تقرير في صحيفة "الغرديان"، الجمعة الماضية، إن الاتحاد الأوروبي حذر إيران سرا من البدء في الانسحاب من الاتفاق النووي في شهر نوفمبر، إذا مضت طهران في تهديدها باتخاذ خطوات أخرى تنتهك بنود الاتفاق".
وجاء في تقرير الصحيفة البريطانية أن الاتحاد الأوروبي "أخبر إيران بأنه سيثير رسميًا مسألة عدم الامتثال الإيراني عبر آلية دولية لتسوية النزاعات إذا كانت الخطوة الإيرانية التالية تنتهك الاتفاق بشكل أكبر".
يذكر أن إيران قلصت التزاماتها النووية على ثلاث مراحل، شملت رفع مستوى ونسبة تخصيب اليورانيوم، وتشغيل أجهزة طرد مركزي حديثة. كما هددت بخطوة رابعة أكثر خطورة في 7 نوفمبر المقبل ما لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية.
ونقلت "الغارديان" عن أحد المصادر قوله إن "الصعوبة تكمن في أن إيران تقول إن تلك الخطوات قابلة للتراجع، لكن إذا عملوا على بناء قنبلة نووية، فهذا أمر لا رجعة فيه".
وساطة فرنسية
مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إنه "بالرغم من الفشل النسبي بالوساطة الفرنسية، والتي لم تتوج بلقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الإيراني حسن روحاني، إلا أن فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي لا يزالوا مقتنعين بأن ما حققوه من إنجازات في الكواليس، ساهم بطريقة أو بأخرى في خفض التوتر، وإبعاد شبح الحرب والانفجار الشامل في المنطقة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الوساطة الفرنسية تراهن على أن السلطات الأمريكية والإيرانية وبلدان الإقليم لا يريدون مواجهة عسكرية مفتوحة، الكل يريد أن يدخل في مفاوضات، لكن لا أحد يحب أن يقدم تنازلات أولًا".
وتابع: "الإيرانيون لا يريدون أن يقدموا تنازلات لأمريكا، ولا واشنطن تريد ترفع العقوبات بدون أي مقابل على طهران".
أما عن الموقف الأوروبي، قال الطوسة: "هناك قناعة أوروبية تقول إن هذا الاتفاق يجب أن يحافظ عليه مادام الإيرانيون ملتزمين بمعظم بنوده، فحتى اللحظة لم يعلنوا رسميًا الانسحاب من الاتفاق أو التخلي عنه، هم يهددون فقط بالتراجع تدريجيًا، لكن لم يغلقوا الباب أمام مفتشي وكالة الطاقة الذرية الدولية".
ومضى قائلًا: "من هذا المنطلق، لا يمكن لأحد أن يعتقد أو يراهن، على إمكانية انسحاب الاتحاد الأوروبي من الاتفاق، برغم مواقف بعض الدول المتشددة تجاه إيران، والتي أصبح في مضمونه يشبه الموقف الأمريكي، ونقصد هنا بريطانيا".
وبشأن الحديث تهديدات أوروبية بالانسحاب، أضاف:"العمل حاليًا من جانب الأوروبيين محاولة إقناع أمريكا وإيران بطريقة تدريجية للجوء إلى طاولة المفاوضات، لا أحد كان يراهن أن بعصى سحرية يمكن تحقيق هذا الإنجاز الكبير، لكن الدبلوماسية الفرنسية تعمل في الخفاء والكواليس لمحاولة تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران".
وأنهى حديثه قائلًا: "الجانب الفرنسي مقتنع تمامًا بأن في وقت من الأوقات سيجلس الطرفان الإيراني والأمريكي على طاولة تفاوض واحدة، حيث يحاول ترامب تجنب الحرب، وتحقيق مكسب في الأوساط الدولية قد يمهد لإعادة انتخابه، فيما تحاول طهران وبطريقة استعجالية الوصول لاتفاق يرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية من على عاتقها".
ضغوط أوروبية
من جانبه قال محمد غروي، الكاتب الصحفي والإعلامي الإيراني، محمد غروي، إن "تهديد دول الترويكا بالانسحاب من الاتفاق النووي، يأتي ضمن الضغوط التي تمارسها أوروبا بالتنسيق مع أمريكا للضغط على إيران لعدم الدخول في خطوات تصعيدية أخرى".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إيران سبق وأن نفذت الخطوة الأولى والثانية، ومن الطبيعي أن تدخل في المرحلة الثالثة بعد انتهاء المدة الممنوحة للدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي".
وأكد أن "الرئيس الإيراني حسن روحاني، أعلن أمس قبل مغادرته لطهران، بأنه سيصرح بتفاصيل جديدة بشأن الأزمة النووية، يوم الأربعاء المقبل، حسي ستعقد إيران جلسات مع مجموعة الدول الأربعة+ 1، وأشار إلى أنه من الممكن أن تتطور الجلسات إلى مجموعة الدول الخمس+ 1".
وأنهى حديثه قائلًا: "يجب أن ننتظر حتى الموعد المحدد، لنرى ما سيفصح عنه الرئيس الإيراني، لكن أظن أن تطورًا حدث في نيويورك بالاجتماعات التي تمت بين إيران والأطراف الأورويبة".
عروض إيرانية
ومؤخرًا أعلنت الحكومة الإيرانية إمكانية قبولها إجراء تعديلات على الاتفاق النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل واشنطن.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن تنفيذ بلاده هذه التعديلات مرهون بإلغاء الإدارة الأمريكية للعقوبات المفروضة عليها وعودتها إلى الاتفاق النووي.
وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قال الثلاثاء الماضي، إنه منفتح لمناقشة تغييرات طفيفة أو إضافات أو تعديلات على الاتفاق النووي، إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على بلاده.
وكان الرئيس الأمريكي قد رفض مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران في النزاع القائم بين البلدين. وقال للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الاثنين "نحن لا نحتاج إلى وسيط...هو (ماكرون) صديقي لكننا لا نبحث عن أي وسطاء".
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 8 مايو/ أيار 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، عام 2015، واستئناف عقوبات اقتصادية صارمة استهدفت فيها الإدارة الأمريكية تجفيف الموارد المالية الإيرانية، وفرض عقوبات على مشتري النفط الخام الإيراني ومنتجاته، وردت إيران على ذلك بإعلانها مؤخرا أنها لن تلتزم بمجموعة أخرى من المعايير التي تم الاتفاق عليها عام 2015، واتخذت ثلاث خطوات في طريق تقليص تعهداتها النووية، كان آخرها في 7 سبتمبر/ أيلول الجاري، عندما رفع القيود على أبحاث ومستوى تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي.